مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٣٨٠
وهذا إنما هو مع إنكاره لما شهد عليه به أو مع إظهاره التوبة والاقلاع عنه. قال: وأما من علم أنه سبه مستحلا له فلا شك في كفره، وكذلك إن كان سبه في نفسه كفرا كتكذيبه أو تكفيره، وكذلك من لم يظهر التوبة واعترف بما شهد به عليه وصمم فهذا كافر بقوله وباستحلاله هتك حرمة الله وحرمة نبيه قتل كفرا بلا خلاف انتهى. ثم قال: لما قرر أن ميراث الساب لورثته أن ذلك فيمن أنكر ما شهد عليه به أو اعترف به وأظهر التوبة قال: وأما لو أقر به وتمادى على السب كان كافرا وميراثه للمسلمين ولا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن وتستر عورته ويوارى كما يفعل بالكفار انتهى.
فرع: قال المشذالي في آخر النكاح الثالث عند قوله وإذا ارتد ثم راجع الاسلام وضع عنه كل حق. سئل ابن عرفة عمن وقع في الجناب العلي بما يوجب قتله فلم يقتل حتى ارتد ثم راجع الاسلام، هل يسقط قتله؟ فقال: الذي عندي أنه يسقط وهو ظاهر الكتاب لأنه لم يستثن إلا القذف، ولو كان ثم غيره لذكره. قال المشذالي: قلت: قال عياض عن ابن القاسم ومحمد عن مالك: إن من سب النبي (ص) قتل إلا أن يسلم الكافر. فظاهر تخصيصه بالكافر يدل على أن المسلم لا يسقط وذكر بعده هل الحق لله أو للآدمي فهذا مناط الحكم انتهى.
مسألة: قال القرطبي في شرح مسلم: لا خلاف في وجوب احترام الصحابة وتحريم سبهم، ولا يختلف في أن من قال كانوا على كفر وضلال كافر يقتل لأنه أنكر معلوما من الشرع فقد كذب الله ورسوله، وكذلك الحكم فيمن كفر أحد الخلفاء الأربعة أو ضللهم. وهل حكمه حكم المرتد فيستتاب، أو الزنديق فلا يستتاب ويقتل على كل حال؟ هذا مما يختلف فيه. فأما من سبهم بغير ذلك فإن كان سبا يوجب حدا كالقذف حد حده ثم ينكل التنكيل الشديد من الحبس والتخليد فيه والإهانة ما خلا عائشة فإن قاذفها يقتل لأنه مكذب للكتاب
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست