وهو الأظهر، ووجه قول مالك في إيجاب الأدب مع القصاص وهو الردع والزجر ليتناهى الناس انتهى. فعلم من هذا أن وجوب الأدب مع القصاص هو قول مالك. وأما القول الذي حكاه ابن رشد بقيل وقال إنه الأظهر، فلم أقف عليه في المذهب، وكلامه في المقدمات يدل على أنه ليس في المذهب. قال في المقدمات: ويجب على الجارح مع القصاص الأدب على مذهب مالك لجرأته. وقال عطاء بن أبي رباح: الجروح قصاص ليس للامام أن يضربه ولا أن يسجنه وإنما هو القصاص، فعلم أن القول الثاني الذي حكاه بقيل إنما هو قول عطاء بن أبي رباح واختاره ابن رشد والله أعلم ص: (إلا أن يعظم الخطر في غيرها كعظم الصدر) ش: لما أن أخرج الجراح التي لا قصاص فيها لأنها متالف وفهم من ذلك أن ما عداها من الجراح فيه القصاص، ذكر أن شرط القصاص فيها أن لا يعظم الخطر في ذلك الجرح والكسر كعظم الصدر. وجزم هنا تبعا لمن تقدمه كابن الحاجب. ورد في المدونة الامر في ذلك لأهل المعرفة. وكذلك في الضلع قال في كتاب الجراح من المدونة والصلب إذا كسر خطأ وبرئ وعاء لهيئته فلا شئ فيه، وكذلك كل كسر يعود لهيئته لا شئ فيه إلا أن يكون عمدا يستطاع فيه القصاص فإنه يقتص منه وإن كان عظما إلا في المأمومة والجائفة والمنقلة، وما لا يستطاع أن يقتص منه فليس في عمد ذلك إلا الدية مع الأدب. قال مالك: وفي عظام الجسد القود من الهاشمة وغيرها إلا ما كان مخوفا مثل الفخذ وشبهه فلا قود فيه. قال ابن القاسم:
وإن كانت الهاشمة في الرأس فلا قود فيه لأني لا أجد هاشمة في الرأس إلا كانت منقلة. ولا قصاص في الصلب والفخذ وعظام العنق، وفي كسر أحد الزندين وهما قصبتا اليد القصاص، وإن كانت خطأ فلا شئ فيه إلا أن يبرأ على عثم فيكون فيها الاجتهاد. وفي كسر الذراعين والعضدين والساقين والقدمين والكفين والأصابع القصاص، وفي كسر الضلع الاجتهاد، إذا برئ على عثم، وإن برئ على غير عثم فلا شئ فيه، وإن كسرت عمدا فهي كعظام الصدر إن كان مخوفا كالفخذ فلا شئ فيه، وإن كان مثل اليد والساق ففيه القصاص. وفي الترقوة إذا كسرت عمدا القصاص، لان أمرها يسير لا يخاف منه، وإن كسرت خطأ ففيه الاجتهاد.
وإن برئ على عثم وإلا فلا شئ فيه. وكذلك اليد والرجل وجميع عظام الجسد إذا كسرت خطأ فبرئت على غير عثم فلا شئ فيه انتهى. لكن بقي على المصنف أن يعد في الجراح التي