مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٢١٨
من يزكيهما لم يثبت الحق. فقيام الشاهد الواحد أقوى في إثبات الحق من الشاهدين اللذين يزكيان. فيجاب عن ذلك بأنه إنما يمكن المدعى عليه من المدعى فيه مع الشاهد الواحد العدل إذا قال المدعي لا أحلف معه البتة وإنما أطلب شاهدا ثانيا، فإن وجدته أثبت حقي وإن لم أجده لم أحلف، فحينئذ يمكن المدعى عليه من المدعى فيه إذا خيف عليه الفساد لان الشاهد الواحد حينئذ أضعف من الشاهدين، لان احتمال عدم ثبوت الحق معه حاصل والواحد أضعف من الاثنين. وأيضا فإن المدعي مختار لعدم إثبات حقه بامتناعه عن اليمين كما تقدم عن النكت.
وأما إذا قال المدعي أنا لا أحلف الآن لأني أرجو شاهدا ثانيا فإن وجدته وإلا حلفت، فهذا يباع ذلك الشئ ويوقف ثمنه لان الشاهد الواحد حينئذ أقوى من الشاهدين.
فإن قيل: لم لم يفصلوا فيما لا يخشى فساده في قيام الشاهد الواحد العدل بل قالوا إنه يحال بين المدعى عليه والشئ المدعى فيه مع قيام الشاهد العدل من غير تفصيل؟
فالجواب: أن ما يخشى فساده لما تعذر القضاء بعينه للمدعي لما يخشى من فساده قبل ثبوت الدعوى ولم يبق إلا أن يقضى له بثمنه وقوي حق المدعى عليه بسبب وضع اليد مع ترك المدعي إثبات حقه القادر عليه اختيارا أبقى الشئ المدعى فيه بيد المدعى عليه بخلاف ما لا يخشى فساده، لان القضاء بعينه للمدعي ممكن ولا كبير ضرر على المدعى عليه في إيقافه فتأمله. والحاصل أن قول المصنف: بخلاف العدل فيحلف معه ويبقى بيده يقيد ذلك بما إذا قال المدعي أنا لا أحلف البتة مع شاهدي العدل وإنما أطلب شاهدا ثانيا، فإن وجدته وإلا تركت. وأما إذا قال أنا لا أحلف الآن لأني أرجو شاهدا ثانيا فإن وجدته وإلا حلفت فإن المدعى فيه يباع ويوقف ثمنه كما يوقف مع الشاهدين على ما قاله عياض وأبو حفص العطار وقبله ابن عرفة فتأمله منصفا والله أعلم. ص: (وإن سأل ذو العدل الخ) ش: يشير إلى قوله في المدونة في كتاب الشهادات قال مالك: ومن ادعى عبدا بيد رجل فأقام شاهدا عدلا يشهد
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست