لو كان صحيحا للزم مثله فيما لا يخشى فساده أن يحلف من هو بيده ويترك له يفعل فيه ما أحب. قال: ويجاب عن أهل المذهب بأن ما يخشى فساده قد تعذر القضاء بعينه للمدعي لما يخشى عليه من الفساد قبل ثبوت الدعوى فلم يبق إلا النزاع في ثمنه، فهو كدين على من هو بيده فمكن منه بعد أن يحلف ليسقط حق المنازع في تعجيله له، ولا يلزم مثل ذلك فيما قام عليه شاهدان لان حق المدعى فيه أقوى من حق المدعى عليه انتهى كلام التوضيح.
قلت: وأصل المسألة في كتاب الشهادات من المدونة قال فيها: وإن كانت الدعوى فيما يفسد من اللحم ورطب الفواكه وقد أقام لطخا أو شاهدا على الحق وأبى أن يحلف وادعى بينة قريبة على الحق أجله القاضي بإحضار شاهدين أو شاهد إن أتى بشاهد قبله ولم يحلف ما لم يخف فساد ذلك الشئ، فإن جاء بما ينتفع به وإلا أسلم ذلك الشئ إلى المطلوب ونهى المدعي عن التعرض له. وإن كان الطالب قد أقام شاهدين فأوقف القاضي ذلك الشئ إلى الكشف عنهما، فإن خاف على فساده باعه وأوقف ثمنه، فإن زكيت بينة المدعي وهو مبتاع أخذه وأدى الثمن الذي قالت بينته كان أقل من ذلك أو أكثر، ويقال للبائع إذا كان يأخذ أكثر من الثمن الموقوف أنت أعلم بالتحرج عن الزيادة، وإن لم يزكوا أخذ المدعى عليه الثمن الموقوف لأنه عليه بيع نظرا، ولو ضاع الثمن قبل القضاء أو بعده كان لمن قضى له به انتهى.
قال في النكت: إذا أقام شاهدين وأوقف القاضي الشئ المدعى فيه لينظر في تعديلهما فخاف فساده أو أقام شاهدا واحدا فكان الحاكم ينظر في تعديله. الجواب: سواء يباع ذلك الشئ بخلاف إذا أقام شاهدا عدلا وأبى أن يحلف معه وقال آتي بآخر فخاف الحكم فساد ذلك الشئ هاهنا يسلمه إلى المطلوب، يريد لان هذا قادر على إثبات حقه بيمينه مع شاهده الذي ثبت له فترك ذلك اختيارا منه، والذي ينظر في تعديل شاهديه أو شاهده الذي أقامه لا حجة عليه انتهى. فهو موافق لما قاله ابن الحاجب إلا أنه لم يذكر استحلاف المطلوب. وكذلك قال اللخمي ونصه: ومن ادعى مالا يبقى ويسرع إليه الفساد كاللحم ورطب الفواكه وأتى بلطخ أو بينة لا يعرفها القاضي، فقال الجاحد وهو البائع - أو المدعي - وهو المشتري - نخاف فساده أو لم يقولاه، فإن أثبت لطخا وقال لي بينة حاضرة أو أقام شاهدا وقال عندي شاهد آخر ولا أحلف، فإن لم يحضر ما ينتفع به وخشي عليه الفساد خلى بين البائع وبين متاعه. وأما الشاهدان فينظر في عدالتهما، فإن خشي الفساد بيع وأوقف الثمن انتهى. فلم يذكر استحلاف المطلوب أيضا.
وقال في التنبيهات: قوله في توقيف ما يسرع إليه الفساد إذا قال المدعي عندي شاهد واحد ولا أحلف معه أنه يؤجله ما لم يخف عليه الفساد وإلا خلى بين المدعى عليه وبين متاعه معنى قوله: لا أحلف معه أي البتة ولو أراد أن لا يحلف معه الآن لأني أرجو شاهدا آخر فإن