مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٢٢٢
أحكام ابن سهل عن محمد بن الفرج مولى ابن الطلاع أنه قال: الأصل في الشهادة على الخطوط من قول مالك وأكثر أصحابه أنها تجوز في الحقوق والطلاق والعتاق والأحباس وغيرها انتهى. وهو خلاف ما نقله البرزلي عن السيوري أنه قال: لا تجوز الشهادة على الخط في طلاق ولا عتاق ولا حد من الحدود على ما في الواضحة وغيرها. انتهى من أوائل مسائل الايمان ونقله في مسائل الأقضية والشهادات عن ابن رشد انظر كلامه. وقال ابن رشد في نوازله في أثناء مسائل النكاح في رجل يقيم عليه بعقد يتضمن إشهاده على نفسه أنه متى تزوج فلانة فهي طالق ثلاثا وقد تزوجها فأنكر العقد فشهد شهود أن العقد خط يده فقال: إن كان العقد الذي قيم على الرجل المذكور ثبت بشهادة الشهود الذين أشهدهم على نفسه بما تضمنه وعجز عن الدفع، فالذي أراه وأتقلده أن يفرق بينهما وهو الصحيح عندي من الأقوال المشهورة في المذهب، ولا يكون ذلك جرحة تسقط شهادته إلا أن يقر على نفسه أنه تزوجها بعد أن حلف بطلاقها البتة أن لا يتزوجها وهو يعتقد أن ذلك لا يحل له جرأة على الله عز وجل إذ لو أقر بطلاقها على ما تضمنه العقد وقال إنما تزوجها لأنه اعتقد أن ذلك يسوغ له لاختلاف أهل العلم في ذلك لعذر فيما فعله، ولم يكن ذلك جرحة لا سيما إن كان ممن ينظر في العلم ويسمع الأحاديث.
وأما إن لم يثبت العقد الذي قيم به إلا بالشهادة على الخط فلا يحكم به عليه إن أنكر، ولا يفرق بينهما أو إن عجز عن الدفع في شهادة من شهد عليه أنه خط يده لان الشهادة على الخط لا تجوز في طلاق ولا عتاق ولا نكاح ولا حد من الحدود على ما نص عليه ابن حبيب في واضحته وغيره. ولو أقر أنه خطه كتبه بيده وزعم أنه لم يكتبه عازما على إنفاذه وإنما كتبه على أن يستشير وينظر في ذلك لصدق في ذلك على ما قاله في المدونة انتهى والله أعلم. وما ذكره عن ابن حبيب في واضحته نقله ابن حبيب فيها عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ وأنها لا تجوز في طلاق ولا عتاق ولا حد من الحدود ولا كتاب قاض، وإنما تجوز في الأموال فقط.
وحيث لا تجوز شهادة النساء ولا الشاهد مع اليمين فلا تجوز على الخط، وحيث يجوز هذا يجوز هذا. ووقع في رسم القضاء من سماع أشهب من كتاب الشهادات في امرأة كتب إليها زوجها بطلاقها مع من لا تجوز شهادته إن وجدت من يشهد لها على خطه نفعها ذلك. قال ابن رشد: ومثله في مختصر ابن عبد الحكم، وكان يمضي لنا عند من أدركناه من الشيوخ أن ما ذكره ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ هو مذهب مالك لا خلاف فيه، وأن
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست