مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٢٠٥
ليس بمنصوص إلا أنه لازم على التعليل بالتخبيب بل التخبيب في حق هؤلاء أشد، والأول مبني على التعليل بارتفاع الضرورة بشهادة الكبير انتهى. وتبعه على هذا في الشامل فقال: ولا يضر رجوعهم بخلاف دخول كبير بينهم خلافا لسحنون إلا إن كان كافرا أو عبدا أو فاسقا على المنصوص انتهى. فتبع صاحب الشامل المازري في أن القول بسقوط شهادتهم غير منصوص. وجعل الرجراجي القول الثاني منصوصا ونصه: إذا حضر كبير فإن كان شاهدا عدلا فلا خلاف أن شهادة الصبيان ساقطة لوجود الكبير العدل، وإن كان ليس بعدل فالمذهب على قولين: أحدهما أن شهادتهم جائزة وهو قول ابن الماجشون وأصبغ وروى ابن سحنون عن أبيه مثله. والثاني إن شهادتهم لا تجوز لحضور الكبير وإن كان ليس بعدل وهو قول ابن سحنون في كتاب أبيه. وإن كان مشهودا عليه فلا تجوز شهادتهم عليه باتفاق وكذا شهادتهم في الجراح أو في النفس إن كان عاش حتى يعرف ما هو فيه، وإن مات من ساعته جازت شهادتهم له انتهى. وصرح ابن يونس بالقول الثاني، ونصه بعد أن حكى قول مطرف وابن الماجشون وأصبغ: وهذا خلاف ما في كتاب ابن المواز لأنه قال فيه: إنما يتقى من الكبير أن يعلمهم أو يخببهم فلا تراعى في ذلك الجرحة انتهى. ونقله أبو الحسن وزاد فقال: حاصله قولان. فنظر مطرف ومن معه للضرورة وإذا كان الكبير غير عدل لم ترتفع الضرورة. وانظر ابن المواز للتخبيب والتعليم وهو من غير العدل أكثر انتهى.
تنبيه: قال في المدونة: وتجوز شهادة الصبيان بعضهم على بعض في القتل والجرح ما لم يفترقوا أو يخببوا. قال الرجراجي: والتخبيب تعليم الخبث وهو أن يدخل بينهم كبير أو كبار على وجه يمكنهم أن يلقنوهم الكذب ويصدونهم عما يحصل عندهم من يقين أو يزينوا لهم الزيادة فيها والنقصان منها، فإذا كان ذلك لم تقبل وبطلت انتهى. وقال ابن عرفة: شرط ابن الحاجب في شهادتهم كونها قبل تفرقهم. ابن عبد السلام: هذا مراد الفقهاء بقولهم ما لم يخببوا فإن افتراقهم مظنة مخالطتهم من يلقنهم ما يبطل شهادتهم.
قلت: مقتضى قولها تجوز شهادة الصبيان ما لم يفترقوا أو يخببوا مع اختصارها. أبو سعيد: كذلك أنهما غير مترادفين، وكذا لفظ اللخمي قبل تفرقهم وتخببهم. ثم قال الباجي:
التخبيب أن يدخل بينهم كبير على وجه يمكنه أن يلقنهم انتهى. وقال الجزولي في شرح قول الرسالة: أو يدخل بينهم كبير. قال أبو عمران: هذا تفسير لقول مالك أو يخببوا. ومنهم من قال: قوله: أو يدخل بينهم كبير بعد المعركة وقبل الافتراق وكان يتلقى منهم الشهادة فقال:
إنما هذا إذا دخل بينهم الكبير على الوجه التخبيب، وأما إذا كان على جهة سماع الشهادة فيجوز ويعرف ذلك بالقرائن مثل أن يكون هذا الداخل عدلا لا يتهم والفاسق يتهم انتهى.
وقال اللخمي: واختلف إذا خالطهم رجل، هل تسقط الشهادة لامكان أن يكون خببهم ووقف
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست