محمد بقوله: أشهد أن تكون البينة قصد بها التوثق كما قالوا في البينة التي لا تقبل دعوى المودع معها الرد هو أن يأتي بشهود يشهدهم على دفع الوديعة للمودع، وأما لو دفع بحضرة قوم ولم يقصد التوثق بشهادتهم فلا، ولأنه الذي يفهم من قول محمد. وأما إن كان إقراره من غير قصد إشهاد فكما ذكر ابن القاسم انتهى. إذا علمت ذلك فيتعين أن يكون قول المصنف: إن أشهد بهمزة في أوله على أنه رباعي أي أشهد بها قاصدا للتوثق كمسألة المودع، وقد نبه على ذلك ابن غازي والله أعلم.
تنبيه: علم مما تقدم أن الموجب للضمان هو الاشهاد بأخذها بقصد التوثق، وإن مما يدل على ذلك كون الاشهاد بكتاب كما قال ابن عرفة: وإذا حصل الاشهاد المقصود به التوثق فلا يسقط بطول الزمان ولو زاد على عشرين كما في الوديعة فإنه سيأتي إن شاء الله أن قول المصنف في باب الوديعة: إلا كعشر إنما هو إذا كانت بغير إشهاد مقصود به التوثق، وأما مع الاشهاد فلا يبرأ إلا بدفعها. فإذا مات الشريك وليوص بشئ مما أشهد أنه عنده من مال الشركة ولم يوجد فيحمل على أنه عنده، وأما إذا كانت بغير إشهاد أو إشهاد لم يقصد به التوثق فيكفي في سقوط الضمان بها مضي سنة ونحوها بخلاف الوديعة كما سيأتي. وفرق بينهما ابن رشد بأن الشريك مأذون له في التصرف فيحمل على أنه ردها بخلاف المودع.
تنبيه: علم من هذا أن هذا إنما يفيد حيث يكون المال الذي للشركة تحت يده وهو يتصرف فيه، فيحمل على أنه رد البعض الذي أخذه، وأما لو علم أنه لم يصل إلى ذلك فلا يفيد. والظاهر أيضا أنه لا فرق بين مائة أو جميع مال الشركة أعني إذا أشهد بأنه حبسه تحت يده، فإن كان الاشهاد مقصودا منه التوثق لم يبرأ منه إلا بإشهاد وإلا فلا و الله أعلم. ص:
(وإن اشترى " جارية لنفسه فللآخر ردها) ش: ذكر رحمه الله لشراء الجارية ثلاثة أوجه كما قال في التوضيح: الأول أن يشتريها لنفسه للوطئ أو للخدمة بغير إذن شريكه، وهذا هو الوجه الذي أشار إليه بقوله: فللآخر ردها يعني أن للشريك الآخر أن يردها للشركة، وله أن يمضيها له بالثمن الذي اشتراها به. وقاله في المدونة. وهذا إذا لم يطأها المشتري، فإن وطئها فحكمها حكم من وطئ أمة الشركة وسيأتي.