عليه ويبقى عليه الطلب بطريق الكفالة خاصة ثم يجري على الخلاف المعهود في الحمالة، هل المطالبة على التبدئة أو التخيير؟ وإن كان بإتلاف من الكفيل فهو ضامن للأصل مثل ذلك الطعام، فإن غرم الكفيل الطعام للطالب فلا تراجع بينه وبين الأصل، فإن غرمه للأصل فإنه يرجع على الكفيل بمثل طعامه وأخذه ثمنه إن باعه، ولا خلاف في هذا الوجه، وإن غرم الكفيل الطعام للطالب بعد أن باع ما أخذ من الأصل غرمه للأصل فأراد الأصل أن يدفع له مثل ما غرم من الطعام ويأخذ منه الثمن فليس له ذلك.
الثاني: أن يقبضه على معنى الوكالة فإذا قبضه برئت ذمة الوكيل قولا واحدا، فإن الطالب يجوز له بيعه بقبض الكفيل، فإن تعدى عليه الكفيل بعد صحة قبضه فالعداء على الطالب وقع بلا إشكال.
الثالث: أن يقبضه على معنى الاقتضاء إما بحكم حاكم على وجه يصح القضاء بذلك كما إذا غاب الطالب وحل الاجل وخاف الكفيل إعدام الأصل وإحداث الفلس ليؤول ما وقع في المدونة من قوله: قبضه بحكم قاض أو يكون قبضه برضا الذي عليه الطعام بغير حكم فالكفيل في هذا الوجه ضامن بوضع اليد على الطعام وذمته به أو بمثله عامرة حتى يوصله إلى الطالب، وللطالب مطالبة من شاء منهما اتفاقا مع قيام الطعام بيد الكفيل وفواته. فإن غرم الأصل كان له الرجوع على الكفيل بطعامه أو مثله إن استهلكه أو بثمنه إن باعه إن شاء أخذ الثمن، ولا يجوز للطالب أن يبيعه بذلك القبض إن كان قائما، ولا أخذ ثمنه إن باعه، لان ذلك بيع الطعام قبل قبضه. فإن أخذ منه الطالب مثل طعامه بعد أن باع ما اقتضاه كان الثمن سائغا له، فإن أراد الأصل أن يدفع له مثل ما غرم من الطعام ويأخذ منه الثمن فليس له ذلك.
الرابع: إذا اختلفا في صفة القبض الوكيل يدعي أنه قبضه على معنى الرسالة، والأصل يقول بل على معنى الاقتضاء، فقد اختلف المذهب فيه على معنى قولين قائمين من المدونة:
أحدهما أن القول قول الأصل وهو قول مالك في كتاب القراض حيث قال: إذا قال القابض قبضته على معنى الوديعة، وقال رب المال بل قراضا، إن القول قول رب المال. والثاني أن القول قول القابض وهو قول أشهب وغيره وهو ظاهر المدونة في غير ما موضع، وسبب الخلاف تعارض أصلين: أحدهما أنهما قد اتفقا على أن المال المقبوض للدافع ولا شئ فيه للقابض، وقد أقر بقبضه ثم ادعى ما يسق الضمان عنه فكان الأصل أن لا يقبل منه إلا بدليل، والأصول موضوعة على أن وضع اليد في مال الغير بغير شبهة توجب الضمان، وبهذا القول قلنا القول قول الأصل. والأصل الثاني أن الأصل في الحضر والإباحة إذا اجتمعا أن يغلب حكم الحضر والكفيل هاهنا قد ادعى قبضا صحيحا والأصل قد ادعى قبضا فاسدا، فوجب أن يكون القول قول القابض الذي هو الكفيل لان قوله قد أشبه وقد ادعى أمرا مباحا، والأصل قد ادعى