مسألة: من أكره على قتل رجل فأذن لرجل في قتل نفسه ففعل المكره فهو آثم ولورثة القتيل القصاص، وليس على من أكره إلا الأدب. ووقع لابن عبد الحكم خلاف هذا وأنه لا قود في النفس ولا في الأطراف. انتهى باختصار يسير والله أعلم. ص: (وفي لزوم طاعة أكره عليها قولان) ش: اعلم أن الاكراه على اليمين تارة يكون على أن لا يفعل في المستقبل أو على أن يفعل في المستقبل أيضا فهذا قال فيه في التوضيح: إن كان على معصية أو ما ليس بطاعة ولا معصية فلا تلزم اليمين، وإن كان على طاعة ففيه قولان. مثال ما هو على معصية أن يحلفه الظالم بالطلاق مثلا أن لا يصلي وأن يشرب الخمر فيصلي ولا يشرب الخمر فلا يحنث. ومثال ما ليس بطاعة ولا معصية أن يحلفه مثلا أن لا يدخل السوق أو أن يدخل السوق فيدخل أو لا يدخل فلا يحنث أيضا. ومثال ما هو طاعة مثل أن يحلفه أن لا يشرب الخمر أو أن يصلي فيشرب الخمر ولا يصلي ففي الحنث قولان. وتارة يكون الاكراه على أن يحلف أنه ما فعل في الماضي أو " أنه فعل، وهذا أيضا يكون على معصية ويكون على ما ليس بطاعة ولا معصية ويكون على طاعة. مثال الأول أعني ما هو على معصية مثل أن يحلفه بالطلاق أنك ما صليت اليوم وإلا قتلتك ويكون المحلف - بكسر اللام - أمره بعدم الصلاة أو أنك ظلمت فلانا ويكون المحلف أمر الحالف بظلم فلان ويكون الحالف لم يظلم فلانا ويكون صلى، فهذا إذا تحقق الاكراه لا كلام أنه لا يلزمه شئ. ومثال الثاني أعني ما ليس بطاعة ولا معصية، أن يحلفه على أنه ما دخل السوق أو أنه دخل ويكون الحالف حالف في الوجهين، فالظاهر أيضا لا تلزمه اليمين لأنه إذا كان إذا أكره على اليمين على أن لا يفعل أو يفعل في المستقبل ما ليس بطاعة ولا معصية لا حنث عليه فأحرى أنه لا حنث عليه إذا أكره على أن يحلف أنه ما فعل أو فعل ما ليس بطاعة ولا معصية، لأنه في الأول إنما أكره على اليمين فقط، وأما الحنث فإنما فعله هو باختياره فهو أدخل الحنث على نفسه وهنا أكره على أن يحلف بيمين هو كاذب فيها والله أعلم. ومثال الثالث أعني ما هو على طاعة مثل أن يحلفه أنه صلى أو أنه ما ظلم فلانا أو أنه ما اغتاب فلانا، ويكون الحالف صلى أو يكون ظلم أو اغتاب، فالظاهر أنه يدخل فيه الخلاف الذي فيما إذا حلف على أن لا يفعل في المستقبل أو يفعل في المستقبل كما تقدم، لأنه إذا
(٣١٤)