واحد من الموثقين مخالف لقول ابن حبيب وأن الفرق بينهما أن الأب لو قام بدعوى العارية بعد كمال السنة لم تقبل ودعواه عند غير واحد من الموثقين، وتقبل بيمين عند ابن حبيب ولا تبطل إلا بالزيادة على السنة. وحمل الشارح قول المصنف في السنة على قول غير واحد من الموثقين وجعله موافقا ابن حبيب ونصه. وما ذكره من أن القرب سنة أي فأدنى ذهب إليه غير واحد من الموثقين وحكاه في النوادر عن ابن حبيب. وقال أبو إبراهيم: العشرة الأشهر عندي تقطع حجة الأب اه. وما عزاه للنوادر عن ابن حبيب هو قوله المتقدم وليست السنة في ذلك بطول، وما ذكره من التوفيق بين القولين مخالف لما تقدم. وقول المصنف: في السنة ظاهره يقتضي أنه قول غير واحد من الموثقين كما قاله الشارح. وقوله: بيمين هو قول ابن حبيب فلعله مشى على قبول الدعوى في السنة على قولهم وفي إيجاب اليمين على قول ابن حبيب فتأمل والله أعلم.
الثاني: قال الشارح في حل قول المصنف: وقبل دعوى الأب ما نصه: أي إذا ادعى أن الذي دخلت به عارية له أو لغيره فإنه يصدق إن قام بقرب البناء مع يمينه انتهى. فقوله:
عارية له أو لغيره صريح في أنه لا فرق فيما يدعي الأب إعارته لها بين أن يدعي أنه ملك أو لغيره. ويعضده قول العتبية المتقدم لأن هذا من عمل الناس معروف ذلك من شأنهم يستعيرون المتاع فيتجملون به ويكثرون بذلك الجهاز. انتهى فتأمله والله أعلم.
الثالث: ذكره البرزلي في مسائل النكاح عن ابن عرفة أنه أفتى بأن الام كالأب. قال:
فعارضته بقول ابن حبيب وذكر كلام ابن حبيب المنقول عن الواضحة فوقف في المسألة وأرشد إلى الصلح فوقع الصلح مع الزوج، والصواب على ما وقع هنا أن لا مقال لها إلا أن تكون وصية أو على ما قال في المدونة إنه استحسن إن توصي بولدها في المال اليسير كالستين دينارا فيكون القول قولها في هذا القدر، أو يرى أن الام بخلاف غيرها بدليل جواز اعتصارها ما وهبته في حياة الأب بشرطه انتهى. ونقل صاحب المسائل الملقوطة عن إملاء الأقفهسي مثل ما قال البرزلي إنها ليست كالأب ونصه: ومن إملاء القاضي جمال الدين الأقفهسي: إذا ادعى الرجل أن جهاز ابنته عارية قبل السنة فله ذلك بيمين، وأما بعد السنة فإن أشهد عليها بذلك فهو له، وإن لم يشهد فليس له ذلك إلا أن تصادقه على ذلك فيكون من ثلثها لحق الزوج ولا تصدق الام لا قبل السنة ولا بعدها انتهى. لكن قول الأقفهسي في الأب: فإن أشهد عليها بذلك إلى آخر كلامه، يقتضي أن الضمير في قوله يعود على الابنة، واشتراط الاشهاد على الابنة بالعارية هو قول ابن القاسم في الدمياطية المتقدم ذكره، وسيأتي أيضا عن ابن رشد وغيره في القولة التي بعد هذه في شرح قول المصنف: لا إن بعد ولم يشهد أن قول الدمياطية مخالف للمشهور وأن المشهور من انتفاع الأب بالاشهاد بالعارية فقط ولو لم تعلم الابنة بالاشهاد بها، ويمكن أن يعود الضمير في عليها للعارية وهو الأولى ليوافق المشهور فتأمله والله