مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٢١٣
قام بعد العام لم يلتفت إلى قوله. وقال أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم: العشرة أشهر عندي كثير تقطع حجة الأب انتهى. وزاد ابن عرفة قولين آخرين وسيأتي كلامه، وما ذكره المصنف من قبول دعوى الأب هو المشهور ومقابله لابن القاسم في الدمياطية أنه إنما يصدق في العارية إذا كان له على أصل العارية بينة، قربت المدة أو بعدت، وإلا لم يصدق. قال ابن سلمون في وثائقه: وإذا ادعى الأب العارية فيما جهز به ابنته زائدا على النقد كان القول قوله ما لم يطل ذلك بعد البناء، وليست السنة في ذلك بطول، وفي الدمياطية أنه إنما يصدق في ذلك إذا كان له على أصل العارية بينة وإلا لم يصدق في ذلك، قرب أو بعد، والمشهور ما تقدم انتهى. وأطلق المصنف في الابنة وخصها ابن حبيب بالبكر. قال في التوضيح إثر كلامه المتقدم: ولا يقبل دعوى العارية إلا من الأب في ابنته البكر، وأما الثيب فلا، لأنه لا قضاء للأب في مالها انتهى.
قال ابن رشد: ومثل البكر الثيب التي في ولايته قياسا على البكر، ومثل الأب الوصي فيمن في ولايته بكر أو ثيب مولى عليها. وأما الثيب التي ليست في ولاية أبيها فهو في حقها كالأجنبي. وكذا سائل الأولياء غير الأب في البكر والثيب لا يقبل قولهم إذا خالفتهم المرأة أو وافقتهم وكانت سفيهة. ويقيد أيضا كلام المصنف بما إذا كان فيما بقي بعد ما ادعاه وفاء بقدر مهرها كما تقدم بيانه في كلام التوضيح وابن سلمون وأصله لابن حبيب في الواضحة وأصبغ في العتبية، فإن لم يكن فيما بقي فنقل في الواضحة عن ابن المواز أنه يقبل قوله بيمينه أيضا ويحضر ما قبل لها من الصداق. وفصل في العتبية في ذلك فقال: إن عرف أصل ما ادعاه له أخذه أيضا واتبع بوفاء المهر، وإن لم يعرف أصله له فإنما يصدق فيما زاد على قدر الوفاء به، ويتضح لك جميع ما تقدم بالوقوف على كلام الواضحة والعتبية وكلام ابن رشد عليها.
قال في الواضحة في كتاب النكاح في أثناء ترجمة ما جاء في مهور النساء: وإن ادعى الأب بعض ما جهز به ابنته البكر بعد دخولها على زوجها وأنه له وأنه لم يعطها إياه وإنما كان عارية منه لها، فالقول قوله مع يمينه إذا كان فيما ساقت الابنة إلى زوجها وفاء بما أعطاها سوى هذا الذي يدعيه الأب، عرف ذلك له قبل ذلك أو لم يعرف. أقرت الابنة أو لم تقر، ما لم يطل زمان ذلك جدا، ولا أرى السنة طولا. قال: ولا يكون القول قوله في ابنته الثيب لأن مالها في يدها وفي ولايتها ولا قضاء للأب فيه ولا قول، وهو في ذلك بمنزلة الأجنبي في مال الأجنبية. وكذلك الولي مع البكر والثيب هو بمنزلة الأب أي وهو كالأجنبي مع الثيب فقط، وهكذا أوضح لي من كاشفت عنه من أصحاب مالك. وإن لم يكن فيما ساقت بعد دعواه العارية كفافا لما أصدق الزوج حلف الأب أنه عارية وكان على سبيل العارية وعلى الأب أن يحضر ما قبض لها من الصداق غير العارية وقد ذكره ابن المواز انتهى. وقوله: كالأجنبي في
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست