مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٢١٩
ادعى من جهاز ابنته بعد البناء أنه عارية لها وإن كان فيما بقي وفاء بالمهر إذا كان على أصل العارية بينة. والمشهور ما تقدم في المسألة قبل هذه أنه مصدق إذا أشهد على العارية وإن طال الامر إذا كان فيما بقي وفاء بالمهر، وإن لم يكن فيما بقي وفاء به صدق فيما زاد على قدر الوفاء به. انتهى كلام ابن رشد. والفرق بين الاشهاد على العارية والاشهاد على أصل العارية، أن الاشهاد على العارية لا يشترط فيه علم الابنة بالاشهاد بل إذا أشهد الأب بالعارية فقط نفعه ذلك. علمت الابنة به أم لا. والاشهاد على أصل العارية هو الاشهاد على الابنة بالعارية.
ويتضح لك ذلك بالوقوف على المسألة التي أشار إليها ابن رشد وكلامه عليها ونصها: قال أصبغ: سئل ابن القاسم عن الرجل يزوج ابنته ويخرج جهازا وشوارا، فيقول أشهدكم أن هذا عارية في يد ابنتي ولم يروا البنت ولم تحضر، فطلب الأب المتاع والشورة بعد ذلك فلم يقدر عليه عند ابنته وقد شهد الشهود أنه أدخله بيت زوجها. فقال: إن كانت بكرا وقد علمت بالعارية فلا ضمان عليها إلا أن يكون هلاكه يوم هلك بعد أن رضي حالها فهي ضامنة له إلا أن يكون طرقها من ذلك أمر من الله عز وجل تقيم عليه بينة، وإن لم تكن علمت بذلك فلا شئ لها أصلا، وإن حسنت حالها أو كانت ثيبا فعلمت بذلك فهي ضامنة له وإن لم تعلم فلا ضمان على واحد منهما البكر والثيب فيما لم تعلم ولم تقبله على وجه العارية - وقاله أصبغ - ولا شئ على الزوج في هذا كله إذا لم يستهلك هو شيئا من ذلك استهلاكا. وهذا فيما يفضل عن صداقها وجهازها مما لا تجهز به من صداقها ولا عطية أبيها لها.
قال ابن رشد: قوله: إنه لا ضمان على الابنة فيما جهزها به الأب من المتاع وأشهد أنه عارية عندها إذا لم تعلم بالاشهاد ولم تقبله على وجه العارية صحيح إذ ليس لأحد أن يضمن أحدا ضمان ما لم يلتزم ضمانه وحسبه أن ينفعه الاشهاد في استرجاع متاعه وإن طال زمان ذلك عند الابنة. انتهى وبالله التوفيق ونقله ابن عرفة. وقال البرزلي: ولابن فتحون في وثائقه:
إذا ساق سوى نقدها من أسباب وأورده فلا يخلو إما أن يصرح بالهبة أو بالعارية أو يسكت.
فالأول لا فقال له في استرجاعه لملكه. والثاني له أن يسترجعه متى شاء طال الزمان أو قصر، فإن أتلفته في هذا القسم في حال سفهها فلا ضمان عليها، وأن أتلفته بغدر سدها ضمنته، وهذا إذا أشهد بالعارية أو علمت بها، فإن لم يكن واحد منهما فلا ضمان عليها، وإن كانت رشيدة والتفريط جاء من قبل الأب والثيب مثلها ولا شئ على الزوج في الوجهين إذا لم يكن استهلكه. رواه أصبغ عن ابن القاسم. وقال ابن عبد الغفور: وإن أشهد عند البناء أنه عارية كان القول قوله وإن طال زمانه، ولا ينظر إلى أصل المتاع عرف للأب أو لم يعرف وليس له أن يأخذ إلا ما وجده ولا يتبعها بما لبست أو أتلفت لأنها في ولاية أبيها وهو الذي سلطها عليه. ولابن القاسم في الدمياطية أن الأب إنما يصدق فيما ادعى من جهاز ابنته بعد البناء أنه عارية له ولو كان فيما بقي وفاء بالمهر إذا كان على أصل العارية بينة. والمشهور ما في العتبية
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست