الصرورة المستطيع إذا جاوز الميقات غير مريد لمكة ثم أرادها بعد ذلك وأحرم فاختلف في لزوم الدم له، والمسألة كذلك مفروضة في المدونة وفي شروحها. ونقل ابن بشير الخلاف في الصرورة لا بقيد كونه أحرم بعد ذلك، وتبعه على ذلك المصنف في مناسكه وتوضيحه وهو بعيد، والتأويلان لابن شبلون على أن الصرورة يلزمه الدم سواء كان مريدا للحج حين جاوز الميقات أو غير مريد. وتأولها الشيخ ابن أبي زيد على أن الصرورة وغيره سواء وأنه لا يلزمه الدم إلا إذا جاوز الميقات وهو مريد للحج. قال ابن يونس: وقول أبي محمد هو الصواب ولا بد من تقييد قول ابن شبلون بأن يكون ذلك في أشهر الحج. ص: (ومريدها أن تردد أو عاد لها الامر فكذلك) ش: يعني أن من أراد دخول مكة ولكنه كان من المترددين إليها كالمتسببين في الفواكه والطعام وكالحطابين ونحوهم فإنهم لا يجب عليهم الاحرام وقاله في المدونة، واستحب اللخمي لهم أن يحرموا أول مرة. وقوله أو عاد لها الامر يشير به إلى ما ذكره في المدونة بعد أن ذكر المترددين بالفواكه والحطب وأنه لا إحرام عليهم. قال: أو مثل ما فعل ابن عمر حين خرج إلى قديد فبلغه خبر فتنة المدينة فرجع فدخل مكة بغير إحرام. واعلم أنه وقع في سماع سحنون من كتاب الحج أن من خرج لحاجة لمثل جدة والطائف وعسفان ونيته العود أنه لا يجوز له الدخول بغير إحرام. قال: وإن لم تكن نيته العود فلما خرج بدا له فأراد العود فعليه الاحرام. قال ابن رشد: إن مسألة العتبية ليست مخالفة لما في المدونة من قضية ابن عمر.
وحاصل ما قاله أن من خرج من مكة إما أن يخرج بنية العود أو لا. فإن خرج على أن لا يعود ثم رجع من قريب لأمر عاقه كما فعل ابن عمر فيدخل بغير إحرام بخلاف ما إذا بدا له عن سفره لأمر رآه على ما في هذه الرواية فليست بخلاف لقول مالك في المدونة: وإن خرج بنية العود فإن كان الموضع الذي خرج إليه قريبا ولم يقم فيه كثيرا فله الرجوع بغير إحرام، وإن