مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٤٥
أن ذلك لمن جاء من ناحية العراق وإن لم يكن من أهل العراق نفسها، والثاني أنه عليه السلام علم أنهم يسلمون كما يسلم أهل الشام وكما قال لعدي بن حاتم: يوشك أن تخرج الظغينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله انتهى. قلت: يعني أنه كما وقت لأهل الشام ومصر الجحفة ولم تكونا فتحتا فكذلك وقت لأهل العراق ذات عرق وإن لم تكن فتحت، وقد علم (ص) ما سيفتح بعده وزويت له مشارق الأرض ومغاربها وقال: سيبلغ ملك أمتي ما روي لي منها، وكما أخبر (ص) بغير ذلك من المغيبات، وقد ضعف الدارقطني الحديث بما تقدم أعني كون العراق لم تفتح حينئذ ورد عليه القاضي عياض بنحو ما تقدم والله أعلم.
الثالث: أجمع العلماء على هذه المواقيت الخمسة إلا أن الشافعي رضي الله عنه استحب لأهل العرب أن يهلوا من العقيق لحديث أبي رواه الترمذي عن ابن عباس أنه (ص) وقت لأهل المشرق العقيق وهو أبعد من ذات عرق بمرحلتين أو مرحلة، والعقيق كل واد نسفته السيول، وفي بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى بالعقيق عدها بعضهم عشرة. ووجه قول الجمهور ما تقدم من نصوص الأحاديث وإجماع الناس على ما فعله عمر رضي الله عنه. قال صاحب الطراز: ولأنه لا خلاف أنهم إذا جاوزوا العقيق وأحرموا من ذات عرق فإنه لا دم عليهم، فلو كان العقيق ميقاتا لهم لوجب عليهم الدم بتركه. قلت: والحديث الذي استدل به الشافعي في إسناده يزيد بن أبي زياد وقد ضعفوه، وذكر البيهقي أنه قد تفرد به والله أعلم. وقد نظم بعضهم المواقيت الخمسة في بيتين فقال:
عرق العراق يلملم اليمني وبذي الحليفة يحرم المدني والشامي جحفة إن مررت بها ولأهل نجد قرن فاستبن ولم ينون الجحفة ولا قرن اه‍ الرابع قال في الطراز في باب حكم المواقيت: يكره لأهل المدينة أن يحرموا من المدينة لأن ذلك مخالف لفعله (ص) انتهى والله أعلم.
الخامس: قوله (ص) هن لهن قال القاضي عياض: كذا جاءت الرواية في الصحيحين وغيرهما عند أكثر الرواة يعني أنه بالتأنيث في قوله لهن قال: ووقع عند بعض رواة البخاري ومسلم هن لهم يعني بتذكير الضمير في قوله لهم قال: وكذا رواه أبو داود وغيره وهو الوجه لأنه ضمير أهل هذه المواضع. قال: ووجه الرواية المشهورة أن الضمير في لهن عائد إلى المواضع والأقطار المذكورة وهي المدينة والشام واليمن ونجد أي هذه المواقيت لهذه الأقطار، والمراد لأهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه انتهى. وقوله هن بالتأنيث قال الفاكهاني في شرح العمدة: أكثر ما تستعمل العرب هذه الصيغة فيما دون العشرة وما جاوز العشرة استعملته بالألف والهاء. قال الله تعالى * (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست