ذكره سند من أنه يلحق بهم في جواز تأخير الاحرام عن الميقات الذي يمر به وهو من كان منزله بين مكة والمواقيت إذا سافر لما وراء الميقات ونصه: من كان منزله دون الميقات وسافر لما وراء الميقات ثم أتى مريدا لدخول مكة، فهذا له أن يحرم من الميقات وله أن يؤخر إلى منزله كما يؤخر المصري إحرامه من الحليفة إلى الجحفة، فينظرها هنا إن كان يريد الحج أخر إحرامه إلى منزله إن شاء إذا كان منزله بغير مكة ولا يؤخره إذا كان مسكنه مكة إذ لا يدخل المكي مكة إلا محرما، فلما وجب عليه الاحرام قبل منزله وجب عليه الاحرام من الميقات الذي مر به وهو كمن لا ميقات لاحرامه بعده، وإن كان هذا الداخل معتمرا نظرت، فإن كان منزله في الحل جاز له التأخير له، وإن كان في الحرم لم يجز كالمكي انتهى. ونقله في الذخيرة على أنه المذهب وهو ظاهر ولم أقف على ما يخالفه إلا ما ذكره القرطبي في شرح مسلم فإنه قال ما نصه: ولو مر من منزله بعد المواقيت بميقات من المواقيت المعينة العامة وهو يريد الاحرام وجب عليه أن يحرم منه ولا يؤخر الاحرام إلى بيته لقوله (ص) هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ويخالف هذا من كان ميقاته الجحفة ومر بذي الحليفة فإن له أن يؤخر الاحرام إلى الجحفة لأن الجحفة ميقات منصوب نصبا عاما لا يتبدل بخلاف المنزل فإنه إضافي يتبدل بالساكن فانفصلا انتهى.
قلت: وما قاله سند أظهر والله أعلم. ولا شك أن إحرامه من الميقات أفضل كما يؤخذ ذلك من قياسه على المصري إذا مر بذي الحليفة وإن كان ليس في كلامه التصريح بأن إحرامه من الميقات أولى ولكنه ظاهر من جهة المعنى وللخروج من الخلاف. وانظر على ما قال القرطبي إذا سافر من منزله دون الميقات إلى منزل أبعد منه ولكنه دون الميقات أيضا ثم أراد دخول مكة أو أراد الاحرام، فهل يلزمه أن يحرم من المنزل الأبعد أوله أن يؤخر إلى منزله لأن المنزل الذي هو به ليس بميقات عام، وهذا هو الذي يدل عليه تعليله والله أعلم. وأما على ما قاله سند وصاحب الذخيرة فيجوز له التأخير، إلى منزله ولا إشكال في ذلك، والظاهر أنه يستحب له الاحرام من المنزل الأبعد والله أعلم.
قلت: ومقتضى كلام صاحب الطراز أن من كان منزله في الحرم وأراد الاحرام بالحج جاز له أن يؤخر ذلك إلى منزله وأن يدخل الحرم بغير إحرام، ومقتضى ذلك أيضا أنه لا يجب على من أراد دخول الحرم ولم يرد دخول مكة الاحرام كما لو كان مسكنه بالحرم وأراد دخوله ولم يرد دخول مكة، أو أراد دخول الحرم لحاجة دون مكة، وبذلك صرح ابن جماعة الشافعي في منسكه الكبير فقال: وقال غير المالكية: إن حكم دخول الحرم حكم دخول مكة فيما ذكرنا لاشتراكهما في الحرمة ولم يلحق المالكية الحرم بمكة في ذلك انتهى. وقول المصنف الآتي والمار به إن لم يرد مكة أو كعبد فلا إحرام عليه ولا دم كالصريح في ذلك، ولم أر في كلام أهل المذهب ما يخالف ذلك إلا ما وقع في المدونة فيمن دخل مكة بغير إحرام وإن لم يكن مريد