مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٤٧
الاحرام منه ولكن يستحب كما سيأتي. قال أبو إسحاق التونسي: ومن كان بلده بعيدا من الميقات مشرقا عن الميقات أو مغربا عنه وإذا قصد إلى مكة من موضعه لم ير ميقاتا وإذا قصد إلى الميقات شق عليه ذلك لامكان أن تكون مسافة بلده إلى الميقات مثل مسافة بلده إلى مكة، فإذا حاذى الميقات بالتقدير والتحري أحرم ولم يلزمه السير إلى الميقات، وكذلك من حج في البحر فإذا حاذوا الميقات أحرموا انتهى.
فرع: حكم من كان منزله حذاء الميقات حكم من حاذى الميقات في السر. قال في النوادر: ومن كان منزله حذاء الميقات فليحرم من منزله وليس عليه أن يأتي الميقات انتهى. لكن إن كان منزله قريبا من الميقات فيستحب له الذهاب إلى الميقات. قال سند في باب حكم المواقيت: إن من كان منزله بقرب المواقيت فيستحب له أن يذهب إلى الميقات فيحرم منه. قاله فيمن أراد الاحرام بالعمرة.
قلت: والظاهر أن مريد الحج أو القران كذلك والله أعلم. وشمل كلام المصنف المكي إذا مر بميقات من هذه المواقيت أو حاذاه فإنه يجب عليه الاحرام منه ولا يتعداه وهو كذلك.
قال الشيخ أبو محمد في مختصر المدونة: وإذا مر مكي بأحد المواقيت فجاوزه ثم أحرم بحج أو عمرة، فإن لم يكن حين جاوزه يريد إحراما بأحدهما فلا دم عليه وإلا فعليه الدم، وكذلك لو لم يحرم حتى دخل مكة فأحرم فإن كان إذا جاوزه مريدا وإلا فلا شئ عليه وقد أساء في دخوله مكة بغير إحرام. ثم قال: وأهل الشام ومصر وأهل المغرب يقدم معهم فذلك ميقات له.
قال سند: إذا مروا على ذات عرق أو يلملم أو قرن صار ذلك ميقاتا لهم، فإن تعدوه فعليهم دم إذ يتعدونه إلى ميقات لهم. قال: وكذلك المكي يقدم معهم فذلك ميقات له. قال سند في باب المواقيت لما تكلم على إحرام المكي بالحج من خارج الحرم ما نصه: لو سافر المكي من مكة ثم رجع إليها أحرم من الميقات الذي يمر به. وصرح بذلك في موضع آخر وسيأتي كلامه فيه عند قول المصنف إلا كمصري. فإن قيل: مقتضى ما ذكروه في المصري ومن ذكر معه من جواز تأخيرهم والاحرام للجحفة لأنها ميقاتهم أن يجوز للمكي تأخير الاحرام إلى مكة لقوله (ص) حتى أهل مكة من مكة. فالجواب ما ذكره صاحب الطراز وغيره أن المواقيت إنما شرعت لئلا يدخل مكة بغير إحرام. فلو أجزنا للمكي دخول مكة بغير إحرام لزم منه إبطال الحكم التي لأجلها شرعت المواقيت وتقدم نحوه في كلام الباجي في المكي إذا أحرم بالحج من الحل. قلت: ومقتضى هذا الكلام أن المكي إذا مر بذي الحليفة وجب عليه الاحرام منه ولا يؤخر للجحفة وهو ظاهر، وفي كلام ابن أبي زيد وصاحب الطراز ما يدل على ذلك والله أعلم. ص: (لو ببحر) ش: يعني أن من سافر في البحر فإنه يحرم إذا حاذى الميقات ولا يؤخر إلى البر. وهكذا قال في مناسكه ونصه: ومن سافر في البحر أحرم أيضا في البحر إذا حاذاه
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست