على ظاهر المذهب خلافا لسند في قوله إنه يؤخر للبر خوفا من أن ترده الريح فيبقى محرما وهو ظاهر من جهة المعنى. ونقل ابن الحاج عن ابن نافع مثل قول سند فقال: وقال ابن نافع:
لا يحرم في السفن ورواه عن مالك انتهى. ويشير بقوله على ظاهر المذهب إلى قول مالك في الموازية قال في النوادر قال محمد قال مالك: ومن حج في البحر من أهل مصر وشبههم إذا حاذى الجحفة انتهى. ونقله جماعة وأبقوه على ظاهره وهو ظاهر كلام المؤلف هنا، وأجمل رحمة الله فيما حكاه عن سند وذلك لأن سندا يقول: من أتى بحر عيذاب حيث لا يحاذي البر فلا يجب عليه الاحرام في البحر إلى أن يصل إلى البر إلا أن يخرج على بر أبعد من ميقات أهل الشام وأهل اليمن، ولا يلزمه بتأخير الاحرام إلى البرهدي. وأما إن أتى على بحر القلزم حيث يحاذي البر فالاحرام عليه في البحر واجب لكن يرخص له التأخير إلى البر ويلزمه الهدي. والفرق بينهما أن الأول في إحرامه في البحر على محاذاة الجحفة خطر خوفا من أن ترده الريح فيبقى محرما حتى يتيسر له إقلاع سالم. قال: وهذا من أعظم الحرج المنفي من الدين. وإذا ثبت الجواز ترتب عليه نفي الدم حتى يدل دليل على وجوبه ولا دليل، وأما الثاني فإنه قادر على الاحرام من البر من نفس الجحفة والسير فيه لكن عليه ضرر في النزول إلى البر ومفارقة رحله فيجوز له التأخير للضرورة إلزامه الهدى كما يجوز استباحة ممنوعات الاحرام للضرورة مع مع وجوب الفدية والله أعلم. انتهى مختصرا بالمعنى. فقد ظهر الاجمال الذي في كلام المصنف الذي حكاه عن سند وأن قول سند ليس كرواية ابن نافع من كل وجه، وقد ذكر المصنف التوضيح كلام سند كما ذكرناه ولم يتعقبه بأنه خلاف ظاهر المذهب كما قال في مناسكه، وكذلك القرافي في ذخيرته وابن عرفة والتادلي وابن فرحون في شرح ابن الحاج وفي مناسكه، ولم يتعقبوه بأنه خلاف بل ظاهر كلامهم أنهم قبلوا تقييده كلام مالك بما ذكر وهذا هو الظاهر، فيتعين تقييد كلام المصنف به، وقد شاهدت الوالد يفتي بما قاله سند غير مرة والله أعلم.
تنبيهان: الأول: قال سند: ولا يرحل من جدة إلا محرما لأن جواز التأخير إنما كان للضرورة وقد زالت. وهل يحرم إذا وصل البر أو إذا ظعن من جدة يحتمل، والظاهر إذا ظعن لأن سنة من أحرم وقصد البيت أن يتصل إهلاله بالمسير.
الثاني: هذا التفصيل التي ذكره سند في جهة الشام في بحر عيذاب وبحر القلزم يقال مثله في جهة اليمن والهند وهذا ظاهر والله أعلم. ص: (إلا كمصري بما يمر بالحليفة فهي أولى) ش: أشار بالكاف للمغاربة والشاميين ومن وراءهم، ويمكن أن يقال: أشار بها لذلك ولما