مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٣٧
الباجي: في كون إحرامه من داخل المسجد أو بابه روايتا أشهب وابن حبيب. وقول ابن عبد السلام أكثر النصوص استحباب المسجد ولم يحك لزومه غير ابن بشير قصور لنقل الشيخ رواية محمد وسماع أشهب يحرم من بيته قال: بل من جوف المسجد. وعبارة ابن رشد عنه يوجب انتهى. ويشير لقول ابن رشد في شرح مسألة سماع القرينين المتقدم ذكره، فإذا صلى في المسجد وجب أن يحرم من مكانه ولا يخرج إلى باب المسجد لأن التلبية إجابة الله إلى بيته الحرام، فهو بخروجه من المسجد يزداد بعدا من البيت بخلاف خروجه من غيره من مساجد المواقيت بخروجه يزداد قربا انتهى. والظاهر أن قول ابن رشد وجب أن يحرم من مكانه لم يرد به الوجوب الذي هو أحد الأحكام الخمسة، وإنما مراده به اللزوم والترتب وكثيرا ما يقع ذلك في عبارة ابن بشير وغيره. قال في الطراز في مسألة ما إذا أفسد الأجير حجة:
وإنه يلزمه قضاؤه ولا يجزئه. أما كونه لا يجزئه فمتفق عليه إلا ما ذكره عن المزني ثم رده وأطال ثم قال: وإذا لم يجز عن الميت وجب أن يكون لفاعله. وقال في المعونة في باب الاذان: والأفضل أن يكون متطهرا لأنه دعاء إلى الصلاة فيجب أن يكون الداعي إليها على صفة من يمكنه أن يصلي انتهى. وقال في الطراز في غسل الاحرام: وإذا ثبت الغسل للاحرام وجب أن يكون متصلا به. وقال في كتاب العقيقة من البيان لما ذكر أن المولود إذا مات قبل السابع لا يعق عنه لأن العقيقة إنما يجب ذبحها في يوم السابع. ومثل هذا كثير في عباراتهم.
ولو فهم ابن رشد الرواية المذكورة على الوجوب لنبه على أنها مخالفة لمذهب المدونة كما هو عادته فتأمله منصفا.
تنبيه: إذا قلنا يحرم من داخل المسجد فإنه يحرم من موضع صلاته ويلبي وهو جالس في موضعه كما يفهم ذلك من نصوصهم لا سيما كلام ابن رشد المتقدم حيث قال: وإذا صلى في المسجد وجب أن يحرم من مكانه ولا يخرج إلى باب المسجد إلى آخر ما تقدم.
وفهم منه أنه لا يلزمه أن يقوم من مصلاه ولا أن يتقدم إلى جهة البيت لأن ذلك لو كان مطلوبا لنبهوا عليه، ولم أر في كلام أصحابنا استحباب موضع مخصوص من المسجد. وقال الشافعي في أحد قوليه: يحرم من قرب البيت، إما تحت الميزاب أو غيره. وقال صاحب المفهم من الحنابلة من تحت الميزاب والله أعلم. ص: (كخروج ذي النفس لميقاته) ش: يعني أن من كان مقيما بمكة يستحب له إذا كان في نفس من الوقت أن يخرج إلى ميقاته للاحرام بالحج وتقدم بيانه. وظاهر كلامه أن هذا خاص بالحج وليس كذلك، بل وكذلك من أراد العمرة استحب له الخروج لميقاته، قال في النوادر عن كتاب ابن المواز: قال مالك: والمواقيت في الحج
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست