وأن يحل منها قبل انقضائها من أي بلد كان، وأصل ذلك حديث هبار. وهل لهم أن يعتمروا يوم النحر؟ فحكى القاضي أبو محمد عن المذهب أنهم ليس لهم ذلك لأن يوم النحر يوم الحج الأكبر ويحتمل أن يكون حكم يوم النحر في ذلك حكم أيام التشريق انتهى. ونص ابن فرحون في مناسكه مثله إلا أنه قال: فحكى القاضي أبو محمد على قواعد المذهب فلعل لفظ قواعد سقط من كلام ابن الحاج والله أعلم. وقد تقدم نقل سند عن أبي حنيفة كراهتها في يوم النحر ويوم عرفة وأيام التشريق، وأن أبا يوسف وافقه على ما عدا يوم عرفة. فلو كان المذهب يوافقه في يوم النحر لبينه، ولا أدري ما مرادهما بالقاضي أبي محمد، والظاهر أنه ليس هو القاضي عبد الوهاب والله أعلم.
هذا حكم المسألة الأولى في كلام المصنف وهو بيان ميقات الاحرام بالعمرة لمن لم يحج. وأما حكم المسألة الثانية في كلام المصنف وهو بيان ميقات الاحرام للعمرة لمن حج، فظاهر ما ذكره المصنف فيها مخالف لنصوص المذهب، منها نص المدونة المتقدم حيث قال:
وتجوز العمرة في أيام السنة كلها إلا الحاج فيكره لهم أن يعتمروا حتى تغيب الشمس من آخر أيام الرمي إلى آخر كلامه. قال ابن فرحون في مناسكه: وهذه الكراهة للحاج على المنع. وقال ابن رشد في رسم حلف ابن الحاجب قال ابن القاسم في كتاب الحج إثر كلامه المتقدم: وأما من حج فلا يجوز له أن يعتمر حتى تغيب الشمس من آخر أيام التشريق، فإن أهل بعمرة في آخر أيام التشريق قبل أن تغيب الشمس بعد أن رمى وأفاض وأحل من إحرامه الأول لزمه الاحرام. قاله في كتاب الحج الأول من المدونة. قال في كتاب ابن المواز: ولا يعمل من أعمال العمرة شيئا حتى تغيب الشمس، فإن عمل فعمله باطل وهو على إحرامه. والأصل في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها حين أمرها رسول الله (ص) بقضاء عمرتها بعد قضاء حجها انتهى. ويعني بقضاء عمرتها أن صورتها صورة القضاء لا أنها قضاء حقيقة إذ لا يلزمها ذلك والله أعلم. وظاهر كلام ابن رشد وابن فرحون أن المنع شامل لما قبل غروب الرابع ولو رمى له، وهو أيضا ظاهر ما نقله المصنف في التوضيح عن ابن هارون. نعم في كلام صاحب الطراز أن المنع بعد رمي الرابع على الكراهة أن كل حجة بتحليلة، وسواء في ذلك من تعجل ومن لم يتعجل، وذلك أنه قال في شرح قوله في المدونة: إن من أحرم بعمرة في أيام التشريق لا يلزمه إلا أن يكون أحرم في آخر أيام التشريق بعدما رمى الجمار وحل من إفاضته فإن ذلك يلزمه ما نصه. وحملة ذلك أن أفعال الحج تنافي العمرة ووقت الفعل ملحق بالفعل، فإذا سقط الفعل وبقي الوقت، فإن كان وقتا لما يكون من فعل الحج فما بعد امتنع معه فصل العمرة وإحرام العمرة لأن صورة الفعل تركت تخفيفا وبقي حكمه فما عدا الرخصة في ذلك قائما وذلك كمن تعجل في يومين، ولو أن المتعجل أحرم بعمرة بعد أن حل وخرج وتم عمله لم يلزمه الاحرام أحرم ليلا أو نهارا ولا قضاء عليه، أما إذا سقط الفعل بتوقيته وبقي الوقت المتسع له فها هنا لا يمتنع عنده انعقاد