السادس: قال في النوادر: ولا بأس أن يعتمر الصرورة قبل أن يحج وقد اعتمر النبي (ص) قبل أن يحج. انتهى ونقله المصنف في مناسكه. ويعني بذلك أن من قدم في أشهر الحج وهو صرورة فلا يتعين عليه أن يحرم بالحج بل يجوز له أن يعتمر، وأما إذا قدم قبل أشهر الحج فالمطلوب منه حينئذ الاحرام بالعمرة من غير خلاف والله أعلم. ص: (ومكانه له للمقيم مكة) ش: يعني أن الميقات المكاني للمقيم بمكة إذا أراد أن يحرم بالحج مكة سواء كان من أهلها أو أقام بها.
تنبيهان: الأول: ظاهر كلامه أنه يتعين عليه الاحرام من مكة ولا يجوز له أن يحرم من غيرها، والذي صرح به ابن الحاجب وغيره أنه يجوز الاحرام من غيرها. مقال ابن الحاجب:
ولو خرجا - يعني المكي والآفاقي المقيم بها - إلى الحل جاز على الأشهر. قال في التوضيح: قال ابن هارون: قوله على الأشهر يقتضي أن فيهما قولا بالكراهة والمنع ولا نعلم في ذلك خلافا إلا في الأولوية. ونقله ابن فرحون أيضا وقال: قال ابن راشد: مقابل الأشهر في كلامه قول بعدم الجواز ولم أقف عليه معزوا انتهى. وقال في المدونة: وإذا أحرم بالحج من خارج الحرم مكي أو متمتع فلا دم عليه في تركه الاحرام من داخل الحرم، فإن مضى إلى عرفات بعد إحرامه من الحرم ولم يدخل الحرم وهو مراهق فلا دم عليه وهذا زاد ولم ينقص. قال التادلي:
قال الباجي: قوله زاد ولم ينقص هذا عندي فيمن عاد إلى الحرم ظاهر، وأما من أهل الحل وتوجه إلى عرفات دون دخوله الحرم أو أهل من عرفات بعد أن توجه إليها حلالا مريدا الحج فإنه نقص ولم يزد، وإنما وجب عليه الدم على هذا لأن مكة ليست من المواقيت لأن المواقيت وقتت لئلا يدخل الانسان إلى مكة بغير إحرام فمن كان عند البيت فليس البيت ميقاتا له بدليل أن المعتمر لا يحرم منها، والمواقيت يستوي في الاحرام منها الحج والعمرة انتهى. ونقل المصنف لي التوضيح بعض كلام الباجي ولعله حصل في نسخته من المنتقى سقط، ووجه سند كلامه في المدونة بنحو ما ذكره الباجي. فظاهر كلام أهل المذهب أن من ترك الاحرام من مكة وأحرم بالحج من الحل ترك الأولى والأفضل ولا يقال إنه آثم ولا إنه أساء. وقال ابن جماعة الشافعي: لو فارق المقيم بمكة بنيانها وأحرم في الحرم أو في الحرم أو في الحل فهو مسئ يلزمه الدم إن لم يعد قبل الوقوف إلى مكة، وكذلك مذهب المالكية إلا أنهم لا يوجبون الدم بالاحرام من غير مكة وإن لم يعد إليها انتهى.