وقد صرح في المدونة وغيرها بأنه لا يعطي الجزاء شيئا من لحمها ولا جلدها ولا خطامها ولا جلالها وهو واضح.
فرع: فإن باع شيئا من الهدي أو استأجر به فظاهر كلام غير واحد أن حكم ذلك حكم الأضحية. وصرح به شارح الرسالة المسمى بكرامة الجزولي ونصه: فإن وقع بيع شئ من الأضحية والهدي والنسك فسخ ما لم يفت، فإن فات فقيل يصرف الثمن فيما ينتفع به من طعامه وماعونه كالرحى والغربال، وقيل يتصدق به، وقيل يصنع به ما شاء انتهى. والمشهور في الأضحية أنه يتصدق به فكذلك هنا إلا أنه ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يبلغ ذلك ثمن الهدي، فإن بلغ اشترى به هديا. قال عبد الحق في النكت: قال بعض شيوخنا فيمن باع جلال هديه يتصدق بثمنه ولا يشتري به هديا وإن بلغ لأن الجلال ليس بنفس الهدي. قال عبد الحق: وأيضا فإنما الجلال للمساكين فجعل الثمن بمثابتها يكون صدقة على المساكين. وقال غيره من شيوخنا: يشتري بذلك هديا إن بلغ وإن لم يبلغ تصدق به، والقول الأول أصوب عندي.
انتهى ونقله التادلي. قلت: وفي قوله إنما الجلال للمساكين نظرا لما سيأتي. ص: (والخطام والجلال كاللحم) ش: هو كقول ابن الحاجب وخطام الهدايا وجلالها كلحمها وفي هدي الفساد قولان. قال ابن عبد السلام: يريد بحيث يكون مقصورا على المساكين يكون الخطام والجلال كذلك، وحيث يكون اللحم مباحا للأغنياء والفقراء يكون الخطام والجلال كذلك.
قال أشهب: إن أعطى جلال بدنته الواجبة لبعض ولده فلا شئ عليه انتهى. نقله ابن فرحون في شرح ابن الحاجب والله أعلم. وقول ابن الحاجب وفي هدي الفساد قولان. قال ابن عبد السلام: ونقل ابن فرحون الخلاف في جلال هدي الفساد مبني على الخلاف في اللحم انتهى.
والمشهور جواز الأكل من لحمه والله أعلم. ص: (وإن سرق بعد ذبحه أجزأ) ش: قال في المدونة: من سرق هديه الواجب بعد ذبحه أجزأه. قال سند: هذا بين لأنه إنما عليه هدي بالغ الكعبة وقد بلغ الهدي محله، فإن كان جزاء صيد أو فدية أذى أو نذر المساكين فقد أجزأه ووقع التعدي في خالص حق المساكين وله المطالبة بقيمته وصرف ذلك للمساكين، لأنه كان تحت يده وكانت له قسمته إن شاء وإن شاء غير ذلك فله المطالبة ويفعل بالقيمة ما شاء كما يفعل في قيمة أضحيته إذا سرقت، ويستحب له ابن القاسم أن يدع المطالبة بالقيمة لما فيه من مضارعة البيع انتهى. ص: (لا قبله) ش: قال في المدونة: وكل هدي واجب ضل من صاحبه بعد تقليده أو مات قبل أن ينحره بمنى أو في الحرم أو قبل أن يدخل الحرم، فلا يجزئه وعليه