فرع: فمن قضى نسكه من أهل مكة ثم انصرف إلى مكة فأدركته الصلاة قبل أن يصل مكة، أو نزل المحصب فأقام به حتى يصلي العشاء ويدخل مكة، أو كان من أهل منى ففعل ذلك، واختلف فيه قول مالك رحمه الله. روى عنه ابن القاسم في العتبية أنه يتم ثم رجع فقال: أرى أن يصلوا ركعتين في نزولهم بالمحصب، وإن تأخروا بمنى لزحام ونحوه يريد المكيين.
واختلف في ذلك قول ابن القاسم أيضا وإلى آخر قوله رجع وبه قال أصبغ وسحنون انتهى.
وذكر ابن الحاج في مناسكه نحو كلام النوادر. وأما من ورد على مكة ولم ينو المقام بها أربعا حتى خرج إلى الحج فإنه يقصر بمنى وفي جميع مواطن الحج، وكذلك في انصرافه إلى مكة إذا لم ينو المقام بمكة أربعا فإنه يقصر أيضا ولا خلاف في ذلك انتهى.
تنبيه: قول سند أو كان من أهل منى ففعل ذلك، وقول غيره من انصرف من المكيين وأهل منى من منى، مرادهم بأهل من الحاج من غير أهل مكة وهو ظاهر والله أعلم. وفهم من كلام سند أن أهل مكة يحصبون وهو المفهوم من إطلاقاتهم والله أعلم.
فرع: قال في النوادر: وفي كتاب الحج في ترجمة قصر الحاج بمنى، قيل له - يعني مالكا - فمن خرج من مكة ممن قد أتم بها الصلاة إلى منى، أيقصر حين يخرج؟ قال: نعم. ثم قال للسائل: بل يقصر بمنى ولا أدري ما يصنع إذا خرج انتهى. وقال سند في آخر كتاب الصلاة الثاني: وفي المجموعة من رواية ابن نافع أن مالكا قال فيمن أقام بمكة ثم خرج إلى منى فقال: يقصر بمنى. قيل ففي طريقه قبل أن يصل إلى منى قال: لا أدري. قال سند: وهذا من قبيل الأول لأن النزول بمنى أول المناسك فإن لم ينزل بها لم يحصل له حكم النسك إلا أنه قد ضرب في الأرض، والأحسن أن يقصر لأنه قد أعطى سفره حكم القصر فهو باق عليه حتى يحضر انتهى. وحاصل ما تقدم أن جميع من يخرج إلى الحج يقصر الصلاة في خروجه من مكة قبل وصوله إلى منى على الأحسن كما قاله سند، وبعد وصوله إليها بلا خلاف في المذهب. وكذا في ذهابه إلى عرفة وفي عرفة وفي رجوعه للمزدلفة وفي المزدلفة وفي رجوعه إلى منى وفي مدة إقامته بمنى إلا أهل كل مكان في محلهم فلا يقصرون فيه. ومن توجه من الحاج إلى طواف الإفاضة. فهل يقصر في حال إفاضته؟ تقدم عن سماع عيسى أنه يقصر غير المنوي وأنه لا بد من استثناء المكي والمقيم بمكة أيضا بعد وصوله إلى مكة، وإنما سكت عنه لوضوحه وإذا رموا في اليوم الرابع ثم توجهوا إلى المحصب فنزلوا فيه أو أقاموا بمنى ليخف الناس أو أدركتهم الصلاة في الطريق، ففي قصرهم وإتمامهم قولان. رجع مالك إلى القصر وإليه رجع اختيار ابن القاسم، وهذا كله في حق من لم يثبت له حكم السفر، أما من قدم قبل الخروج إلى الحج بأقل من أربعة أيام وعزمه أن لا يقيم بعده فهذا حكمه حكم المسافر في كل موضع حل به فإن أقام قبل الحج أربعا أو كان من أهل مكة وعزم على الحج والسفر بعده من غير إقامة أربعة أيام، فإن لم يرد إقامة بمكة أصلا فله حكم السفر كالأول وإن نوى إقامة يوم أو