في الواضحة ونقله صاحب الطراز وصاحب الذخيرة والمصنف في مناسكه وغير واحد، وكذلك الاكثار من الوضوء، وأما استحباب نقله فقد صرح به في الواضحة أيضا. قال في مختصرها. واستحب لمن حج أن يتزود منه إلى بلده فإنه شفاء لمن استشفى. ونقله عنه ابن الحاج في مناسكه ونصه: قال ابن حبيب: ويستحب لمن حج أن يتزود منه إلى بلده ونقله ابن معلى والتادلي وغيرهم. وظاهر كلام الشارح أنه في الذخيرة ولم أره فيها، وكذلك نكت عليه ابن غازي فقال: أما شربه فذكره غير واحد ثم ذكر كلام الذخيرة ثم قال: وأما نقله ففي مسلك السالك لقاسم بن أحمد الحضرمي الطرابلسي وكأنه لم يقف عليه لغيره.
تنبيهات: الأول: ذكر المصنف في مناسكه ناقلا عن ابن حبيب أنه يستحب أن يكثر من شرب ماء زمزم والوضوء به ولم يذكر الاغتسال به. وقد نص ابن حبيب على استحباب ذلك فقال في مختصر الواضحة: يستحب لمن حج أن يستكثر من ماء زمزم تبركا ببركته ويكون منه شربه ووضوؤه واغتساله ما أقام بمكة ويكثر من الدعاء عند شربه قال: واستحب لمن حج أن يتزود منه إلى بلده فإنه شفاء لمن يستشفي به انتهى.
الثاني: قال ابن غازي: ومن الغرائب ما حدثنا به شيخنا الامام وأبو عبد الله القوري قال: حدثنا الحاج أبو عبد الله بن عزوز المكناسي أنه سمع الامام الأوحد الرباني أبا عبد الله البلالي بالديار المصرية يرجح حديث الباذنجان لما أكل له على حديث ماء زمزم لما شرب له قال: وهذا خلاف المعروف انتهى. قلت: لا شك أن هذا من أغرب الغرائب بل هو من الأمور التي لا يجوز نقلها إلا مع التنبيه على بطلانها. قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة لما ذكر حديث الباذنجان لما أكل له إنه باطل لا أصل له.
وقال الحافظ ابن حجر: لم أقف عليه. وقال بعض الحفاظ: إنه من وضع الزنادقة، وقال الزركشي: وقد لهج به العوام حتى سمعت قائلا منهم يقول هو أصح من حديث ماء زمزم لما شرب له وهو خطأ قبيح وكل ما يروى فيه باطل. انتهى كلام السخاوي. وأما حديث ماء زمزم لما شرب له فقال فيه الحافظ السخاوي: رواه الحاكم وقال إنه صحيح الاسناد. وقد صحح هذا الحديث من المتقدمين ابن عيينة ومن المتأخرين الحافظ الدمياطي انتهى. ورأيت لابن حجر كلاما جوابا بالسؤال فيه عن هذا الحديث قال في آخره بعد أن ذكر طرق هذا الحديث:
إذا تقرر هذا فمرتبة هذا الحديث عند الحفاظ باجتماع هذه الطرق أنه يصلح للاحتجاج به على ما عرف من قواعد الحديث، ثم ذكر عن الحافظ الدمياطي أنه صححه ثم قال: واشتهر عن الشافعي أنه شربه للرمي فكان يصيب من كل عشرة تسعة. وشربه أبو عبد الله الحاكم لحسن التصنيف وغيره فكان أحسن عصره تصنيفا، ولا يحصى كم شربه من الأئمة لأمور نالوها.