(أسكنوهن من حيث سكنتم) * أي مكانا من مكان سكناكم، ولخبر، فريعة - بضم الفاء - بنت مالك في الوفاة أن زوجها قتل فسألت رسول الله (ص) أن ترجع إلى أهلها، وقالت إن زوجي لم يتركني في منزل يملكه، فأذن لها في الرجوع قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني، فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، صححه الترمذي وغيره (قوله: وبطلاق) معطوف على بالوفاة: أي وعلى المعتدة بطلاق. وقوله بائن: مفاد التقييد به أن المفارقة بطلاق رجعي لا يجب عليها ملازمة المسكن، وليس كذلك بدليل قوله بعد أما الرجعية الخ. ولو قال: أو بطلاق ولو بائنا وقيد قوله: ولها الخروج بغير الرجعية لكان أولى وأنسب بقوله: أما الرجعية الخ. تأمل (قوله: أو فسخ) أي أو انفساخ بردة أو لعان أو رضاع. ح ل (قوله: ملازمة مسكن) فاعل تجب: أي وتجب على المعتدة بالوفاة وما بعده ملازمة مسكن فلا تخرج بنفسها منه وليس لزوج ولا غيره أن يخرجها منه ولو وافقها الزوج على خروج منه بغير حاجة لم يجز وعلى الحاكم المنع منه لان في العدة حقا لله تعالى وقد وجبت وهي في ذلك المسكن. قال تعالى: * (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * والإضافة في قوله: * (من بيوتهن) * لسكناهن فيها، وإلا فالبيوت للأزواج. وفسر ابن عباس وغيره الفاحشة المبينة بأن تبذو على أهل زوجها حتى يشتد أذاهم ومثل أهل الزوج جيرانها، فإن اشتد أذاهم بها جاز إخراجها كما أنه إذا اشتد أذاها بهم جاز خروجها (قوله:
كانت فيه الخ) الجملة صفة لمسكن. أي مسكن موصوف بأنها كانت فيه عند الموت أو عند الفرقة أي بإذن الزوج وكان لائقا بها حينئذ وأمكن بقاؤها فيه لاستحقاقه منفعته، فإن فورقت بوفاة أو غيرها وهي في مسكن لم يأذن فيه بأن انتقلت من مسكنها الأول إلى المسكن الثاني بغير إذن الزوج لها فيلزمها أن ترجع للأول وتعتد فيه لعصيانها بذلك، بخلاف ما لو انتقلت إليه بإذنه فإنها تعتد فيه وجوبا وإن كان أبعد من الأول أو رجعت إليه لاخذ متاع، وذلك لاعراضها عن الأول بحق أو لم يكن لائقا بها فلا تكلف السكنى فيه كالزوجة أو لم يمكن بقاؤها فيه كأن تعلق به حق كرهن وقد بيع في الدين لتعذر وفائه من غيره ولم يرض مشتريه بإقامتها فيه بأجرة المثل فتنتقل منه إلى غيره (قوله: إلى انقضاء عدة) متعلق بملازمة: أي وتجب الملازمة إلى أن تنقضي العدة، فإذا انقضت فلا وجوب (قوله: ولها الخروج نهارا الخ) وذلك لما رواه مسلم عن جابر قال: طلقت خالتي سلمى فأرادت أن تجذ نخلها فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي (ص) فقال: جذي عسى أن تتصدقي أو تفعلي معروفا قال الشافعي رضي الله عنه، ونخل الأنصار قريب من منازلهم، والجذاذ لا يكون إلا نهارا.
وورد ذلك في البائن، ويقاس بها المتوفي عنها زوجها. وضابط من يجوز لها الخروج لما ذكره ومن لا يجوز لها ذلك كل معتدة لا تجب نفقتها ولم يكن لها من يقضيها حاجتها لها الخروج في النهار لشراء طعام وقطن وبيع غزل للحاجة، أما من وجبت نفقتها من رجعية أو بائن حامل أو مستبرأة فلا تخرج إلا بإذن أو ضرورة كالزوجة لأنهن مكفيات بالنفقة (قوله: لا ليلا) أي لا يجوز لها الخروج في الليل مطلقا لذلك لأنه مظنة الفساد إلا إذا لم يمكنها ذلك نهارا: أي وأمنت كما بحثه أبو زرعة. اه. تحفة وقوله ولو أوله: أي لا يجوز لها الخروج في الليل ولو كان في أوله (قوله: خلافا لبعضهم) أي القائل بأن لها الخروج أوله (قوله: لكن لها خروج ليلا الخ) إستدراك من امتناعه ليلا، وإنما جاز لها فيه للغزل ونحوه لما رواه الشافعي والبيهقي رحمهما الله تعالى أن رجالا استشهدوا بأحد، فقالت نساؤهم: يا رسول الله إنا نستوحش في بيوتنا فنبيت عند إحدانا، فأذن لهن (ص) أن يتحدثن عند إحداهن، فإذا كان وقت النوم تأوي كل واحدة من بيتها (قوله: إلى دار جاره الملاصق) أي لدارها، ومثله ملاصق الملاصق والمقابل، وفي تقييده الجار بما ذكر إشارة إلى أن المراد به هنا الذي مر في الوصية وهو الذي لم يتجاوز داره أربعين دارا من كل جانب فما كان من الأربعين فهو جار ولو لم يكن ملاصقا ولا ملاصق الملاصق فلو أوصى لجيرانه يقسم على أربعين دارا من كل جانب. وقوله: لغزل وحديث، متعلق بخروج.