سيأتي بيانيا في بابها. (قوله: بأن يكون مسلما) قال الماوردي: وما جرت به عادة الولاة من نصب رجل من أهل الذمة فتقليد رياسة وزعامة: أي سيادة لا تقليد حكم وقضاء. اه. (قوله: مكلفا) أي بالغا عاقلا. (قوله: حرا) أي كله.
(قوله: ذكرا) أي يقينا. (قوله: عدلا) العدالة لغة التوسط، وشرعا ملكة في النفس، تمنع من اقتراف الكبائر والرذائل المباحة - كما تقدم. (قوله: سميعا) إنما اشترط السمع فيه، لان الأصم لا يفرق بين إقرار، وإنكار، وإنشاء، وإخبار.
(وقوله: ولو بالصياح) غاية في كونه سميعا: أي ولو كان لا يسمع إلا بالصياح في أذنيه فإنه يكفي ولا يضر إلا الصمم الشديد، بحيث لا يسمع أصلا. (قوله: بصيرا) أي ولو بإحدى عينيه، ولو كان يبصر نهارا فقط دون من يبصر ليلا فقط.
قاله الأذرعي. وخالفه الرملي ومن تبعه فيمن يبصر ليلا فقط، فقال يكفي كونه يبصر ليلا فقط، كما يكفي كونه يبصر نهارا فقط.
فائدة: البصر قوة في العين تدرك به المحسوسات، كما أن البصيرة قوة في القلب تدرك بها المعقولات، فالبصيرة للقلب بمنزلة البصر للعين. (قوله: فلا يولى من ليس كذلك) أي من ليس مستكملا للشروط المذكورة، بأن يكون كافرا، أو صبيا، أو مجنونا أطبق جنونه أولا، أو رقيقا كله أو بعضه، أو أنثى، أو خنثى، أو فاسقا، أو أصم، أو أعمى، فلا يصح توليتهم لنقصهم. (قوله: ولا أعمى) فيه أنه مندرج في قوله من ليس كذلك فلأي شئ أفرده. (قوله: وهو من يرى الخ) عبارة التحفة: فلا يولى أعمى ومن يرى الشبح الخ. اه. فلعل لفظه هو: زائدة من النساخ. (قوله: الشبح) أي الجسم.
(وقوله: ولا يميز الصورة) أي ولا يميز صورة ذلك الشبح، هل هي صورة زيد أو عمرو، أو غير ذلك؟ (قوله: وإن قربت) أي لا يميزها مطلقا مع القرب ومع البعد. (قوله: بخلاف من يميزها إذا قربت) أي الصورة فإنه يصح توليته.
(قوله: بحيث يعرفها) تصوير لتمييزه إياها. والمراد بحيث يعرف أنها صورة زيد مثلا. (قوله: ولو بتكلف الخ) أي ولو كانت معرفتها بتكلف ومزيد تأمل، فإنه يصح توليته. (قوله: وإن عجز عن قراءة المكتوب) أي فإنه يصح توليته. (قوله:
واختير صحة ولاية الأعمى) أي واختار بعضهم صحة ولاية الأعمى مستدلا بأنه (ص): استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة وغيرها من أمور المدينة رواه الطبراني. وأجاب المانعون ولايته باحتمال أنه استخلفه في الأمور العامة من الحراسة وما يتعلق بها، لا في خصوص الحكم الذي الكلام فيه. (قوله: كافيا للقيام بمنصب القضاء) أي بأن يكون ذا يقظة تامة، وقوة على تنفيذ الحق بحيث لا يؤتى من غفلة: أي لا يصاب في الحكم، بأن يحكم بخلاف الحق من أجل غفلته، ولا يخدع من غرة: أي لا يخدع عن الحق بسبب غرور شخص له. قال في المغني: وفسر بعضهم الكفاية اللائقة بالقضاء، بأن يكون فيه قوة على تنفيذ الحق بنفسه، فلا يكون ضعيف النفس جبانا. فإن كثيرا من الناس يكون عالما دينا، ونفسه ضعيفة عن التنفيذ والالزام والسطوة، فيطمع في جانبه بسبب ذلك. اه. (قوله: فلا يولى مغفل) هو الذي لا يضبط الأمور بأن يكون مختل النظر والفكر، لكبر أو مرض أو غير ذلك. (قوله: ومختل نظر) أي فكر، وعطفه على ما قبله من عطف التفسير. (وقوله: بكبر أو مرض) الباء سببية متعلق بكل من مغفل ومختل نظر. (قوله: مجتهدا) أي اجتهادا مطلقا لأنه المنصرف إليه اللفظ عند الاطلاق، وبدليل بيانه الآتي، والاجتهاد في الأصل بدل المجهود في طلب المقصود، ويرادفه التحري والتوخي، ثم استعمل في استنباط الاحكام من الكتاب والسنة. وخرج به مجتهد المذهب، وهو من يستنبط الاحكام من قواعد إمامه كالمزني، ومجتهد الفتوى، وهو من يقدر على الترجيح في الأقوال كالرافعي والنووي، والمقلد الصرف وهو الذي لم يتأهل للنظر في قواعد إمامه والترجيح بين الأقوال. (قوله: فلا يصح تولية جاهل) أي بالأحكام الشرعية. (قوله: ومقلد) أي ولا يصح تولية مقلد لامام من الأئمة الأربعة. (قوله: وإن حفظ الخ)