إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١٧٠
الملتزم لها كالحربي. وقوله عالم بالتحريم: خرج الجاهل به لقربه من الاسلام فلا يحد (قوله: محصنا) مفعول قاذف (قوله: وهو) أي المحصن أي ضابطه. وقوله هنا: أي في حد القذف، واحترز به عن المحصن في حد الزنا فهو غير المحصن هنا من حيث أن الذي يشترط هنا كالاسلام، والعفة لا يشترط هناك.
والحاصل شروط الاحصان هنا خمسة: الاسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، وعفته عن وطئ يحد به وعن وطئ محرم مملوكة له وعن وطئ زوجته في دبرها. وشروط الاحصان هناك أي في حد الزنا، البلوغ، والعقل، والحرية، والوطئ في نكاح صحيح (قوله: مكلف) خرج الصبي والمجنون فلا يحد قاذفهما. وقوله حر: خرج الرقيق فلا يحد قاذفه لنقصه، وقوله مسلم: خرج الكافر مطلقا فلا يحد قاذفه لما تقدم. وفي البجيرمي: لو نازع القاذف في حرية المقذوف أو في إسلامه صدق المقذوف بيمينه. اه‍. (وقوله: عفيف الخ) خرج غير العفيف من ذلك فلا يحد قاذفه لما تقدم، (وقوله: من زنا ووطئ دبر حليلته) أي ومن وطئ مملوكة محرم له، كما في شرح المنهج، فالمعتبر عفته عن هذه الثلاثة فلا تبطل عفته بغيرها ولو كان حراما: كوطئ زوجته في عدة شبهة لان التحريم عارض يزول، وكوطئ أمة ولده لثبوت النسب حيث حصل علوق من ذلك الوطئ مع انتفاء الحد، وكوطئ في نكاح فاسد كوطئ منكوحة بلا ولي أو بلا شهود لقوة الشهبة، وكوطئ زوجته أو أمته في حيض أو نفاس أو إحرام أو نحو ذلك (فرعان) لو زنى مقذوف قبل أن يحد قاذفه سقط الحد عن قاذفه لان الاحصان لا يتيقن، بل يظن فظهور الزنا يدل على سبق مثله، فكأنه وقت القذف كان غير محصن، ومن زنى مرة ثم صلح بأن صلح حاله لم يعد محصنا أبدا، ولو لازم العدالة، وصار من أورع خلق الله تعالى وأزهدهم لان العرض إذا انخرم بالزنا لم يزل خلله بما يطرأ له من العفة.
فإن قيل: قد ورد التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
أجيب: بأن هذا بالنسبة إلى الآخرة (قوله: ثمانين جلدة) مفعول مطلق لحد، وذلك للآية المارة، ولا تصح الزيادة عليها ومات ضمن بالقسط (قوله: إن كان القاذف حرا) قيد في كون الحد ثمانين جلدة، واستفيد كون الثمانين مخصوصة بالأحرار من قوله تعالى: * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) * وذلك لاقتضاء أنهم قبل القذف كانت شهادتهم مقبولة فتستلزم حريتهم. إذ الرقيق لا تقبل شهادته وإن لم يقذف وإنما ردت شهادتهم بالقذف لفسقهم به إذ هو كبيرة كما في آخر الآية حيث قال * (وأولئك هم الفاسقون) * (قوله: وإلا فأربعين) أي وإن لم يكن القاذف حرا، بل كان رقيقا، فيحد أربعين لأنه نصف الحر. (قوله: ويحصل القذف الخ) أي ويحصل القذف بلفظ يدل عليه إما صريحا فيه أو كناية، كما تقدم، وجميع ما ذكره من الصريح ما عدا يا مخنث ويا لوطي فإنهما من الكناية، لان الأول مأخوذ من التخنث، وهو التكسر، فهو محتمل له وللقذف، والثاني محتمل لإرادة كونه على دين قوم لوط. (وقوله: بزنيت) هو بتاء المخاطب المفتوحة ومثله أو بلطت (قوله: ومن صريح قذف المرأة أن يقول لابنها من زيد الخ) أي ولو كان منفيا بلعان لكنه قال له ذلك بعد استلحاقه أما قبله فكناية فيسئل، فإن قال أردت تصديق النافي في نسبة أمه إلى الزنا فقاذف لها، أو أردت أن النافي نفاه أو انتفى نسبه منه شرعا أو أنه لا يشبهه خلقا أو خلقا صدق بيمينه ويعزر للايذاء اه‍. ش ق (قوله: لا قوله لابنه لست ابني) أي ليس من صريح قذف المرأة قوله لابنه ما ذكر بل هو من الكناية فيسأل حينئذ فإن قال أردت أنه من زنا فقاذف لامه أو أنه لا يشبهني خلقا ولا خلقا فيصدق بيمينه، والفرق بين قول الأب لولده ما ذكر وبين قول الأجنبي ما تقدم أن الأب لاحتياجه

(1) سورة النور، الآية: 4.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست