إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ١١٨
فقال: تلك السنة، ولو اقتدى بمسافر وشك في نيته القصر فنوى هو القصر، جاز له القصر إن بان الامام قاصرا لأن الظاهر من حال المسافر القصر. فإن بان أنه متم أو لم يتبين حاله لزمه الاتمام ولو علق نية القصر على نية الامام، كأن قال إن قصر قصرت وإلا أتممت، جاز له القصر إن قصر الامام، لان هذا تصريح بالواقع، ولزمه الاتمام إن أتم الامام، أو لم يظهر ما نواه الامام، فيلزمه الاتمام احتياطا. (قوله: تحرز عن منافيها) أي نية القصر كنية الاتمام والتردد في أنه يقصر أو يتم؟ فلو نوى الاتمام بعد نية القصر، أو تردد في أنه يقتصر أو يتم بعد نية القصر مع الاحرام، أتم. (وقوله: دواما) ظرف متعلق بتحرز، أي التحرز عن منافيها في دوام الصلاة. (قوله: ودوام سفره إلخ) فلو انتهت به سفينته إلى ما يقطع ترخصه، أو شك هل بلغته، أو نوى الإقامة المنافية للترخص، أو شك في نيتها، أتم، لزوال تحقق الرخصة. (قوله: ولجمع إلخ) معطوف على القصر، أي وشرط لجمع التقديم نية جمع إلخ. وذكر له ثلاثة شروط، وبقي عليه شرط رابع، وهو: دوام السفر إلى عقد الثانية فقط، بأن يحرم بها، فلا يشترط دوامه إلى إتمامها. فلو أقام في أثناء الثانية لم يضر، أو قيل عقدها ضر. وخامس: وهو كون السفر لغرض صحيح. وسادس: وهو كون المسافر قاصدا محلا معلوما. وسابع: وهو كونه عالما بجواز الجمع. وهذه الثلاثة تشترط أيضا في جمع التأخير. وثامن: وهو ظنه صحة الأولى لتخرج صلاة المتحيرة كما مر. وتاسع: وهو بقاء وقت الأولى يقينا إلى تمام الثانية، فإن خرج أثناء الثانية، أو شك في خروجه بطلت لبطلان الجمع. قال الكردي: ولم يرتض ابن حجر هذا الشرط. وقوله: في الأولى: أي في الصلاة الأولى. (فإن قلت): كان المناسب أن تكون نية الجمع في أول الثانية لكونها في غير وقتها، ويؤيده تعليلهم اشتراط نية الجمع بقولهم ليتميز التقدير المشروع عن التقديم، سهوا أو عبثا، لان التقديم إنما هو للثانية. (أجيب) بأن الجمع ضم الثانية للأولى، ولا يحصل الضم المذكور إلا بنية الجمع في الأولى، ليصير الصلاتان كصلاة واحدة. فتدبر. (وقوله: ولو مع التحلل منها) أي تكفي نية الجمع ولو مع السلام من الأولى، لحصول الغرض، وهو تمييز التقديم المشروع عن التقديم سهوا أو عبثا، بذلك. والغاية المذكورة للرد على الضعيف القائل بأنه يتعين وقوع النية في تحرم الأولى. (قوله: وترتيب) معطوف على نية، أي وشرط لجمع تقديم ترتيب، بأن يبدأ بالأولى، لان الوقت لها والثانية تابعة، فلا تتقدم على متبوعها، ولو قدم الأولى وبان فسادها فسدت الثانية. (قوله: وولاء) معطوف على نية أيضا، أي وشرط لجمع تقديم ولاء بين الصلاتين، لما روى الشيخان: أنه أ (ص) لما جمع بنمرة بين الصلاتين وإلى بينهما وترك الرواتب بينهما، وأقام للصلاة بينهما. ولان الجمع يجعلهما كصلاة واحدة، فوجبت الموالاة كركعات الصلاة. (وقوله: عرفا) أي المعتبر في الولاء العرف.
وضبطوه بأن لا يفصل بينهما بما يسع ركعتين بأخف ممكن، فإن فصل بينهما بما يسع ذلك ضر ووجب تأخير الثانية إلى وقتها المعتاد، فتضر الصلاة بينهما، ولو راتبة. فإذا أراد أن يصلي رواتب الصلوات صلى القبلية ثم الفرضين، ثم بعدية الأولى ثم قبلية الثانية ثم بعديتها، ولو جمعهما ثم علم بعد فراغهما ترك ركن من الأولى، أعادهما وجوبا، لبطلان الأولى بترك الركن منها مع تعذر التدارك بطول الفصل، وبطلان الثانية لفقد الترتيب. أو علم بعد ذلك ترك ركن من الثانية ولم يطل الفصل بين سلامه منها وتذكره تداركه، وصحت الصلاتان. وإن طال الفصل بطلت الثانية أعادها في وقتها الأصلي لامتناع الجمع بفقد الولاء بتخلل الباطلة، ولو لم يعلم أن الترك من الأولى أو من الثانية أعادهما وجوبا بلا جمع تقديم بأن يصلي كل واحدة في وقتها، أو يجمعهما جمع تأخير. أما وجوب إعادتهما فلاحتمال أن الترك من الأولى فتكونان باطلتين، وأما امتناع جمع التقديم فلاحتمال أن الترك من الثانية، فتكون الأولى صحيحة والثانية باطلة، فيطول الفصل بالثانية الباطلة وبالأولى المعادة بين الأولى الصحيحة والثانية المعادة. فتنبه. (قوله: فلا يضر إلخ) مفرع على الولاء في العرف. (وقوله: فصل يسير) أي ولو لغير مصلحة الصلاة، وخرج به الطويل فيضر ولو بعذر كسهو، وإغماء. (قوله: بأن كان دون قدر ركعتين) تصوير للفصل اليسير، فهو أن ينقص عما يسع ركعتين بأخف ممكن على الوجه المعتاد، فلا يضر
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست