خشي نشوزا أم لا. (قوله: وأول واجب إلخ) يعني أن أول ما يجب تعليمه للصبي أن نبينا (ص) إلخ، ويكون ذلك مقدما على الامر بالصلاة. قال في التحفة: يجب تعليمه ما يضطر إلى معرفته من الأمور الضرورية التي يكفر جاحدها ويشترك فيها العام والخاص، ومنها أن النبي (ص) بعث بمكة ودفن بالمدينة، كذا اقتصروا عليهما. وكأن وجهه أن إنكار أحدهما كفر، لكن لا ينحصر الامر فيهما. وحينئذ فلا بد أن يذكر له من أوصافه (ص) الظاهرة المتواترة ما يميزه ولو بوجه، ثم ذينك. وأما مجرد الحكم بهما قبل تمييزه بوجه فغير مفيد، فيجب بيان النبوة والرسالة وأن محمدا الذي هو من قريش واسم أبيه كذا واسم أمه كذا وبعث ودفن بكذا نبي الله ورسوله إلى الخلق كافة. ويتعين أيضا ذكر لونه، ثم أمره بها، أي الصلاة ولو قضاء. اه.
والحاصل: يجب على الآباء والأمهات أن يعلموا أبناءهم جميع ما يجب على المكلف معرفته، كي يرسخ الايمان في قلوبهم ويعتادوا الطاعات، كتعليمهم ما يجب لمولانا عز وجل، وما يستحيل، وما يجوز. وجملة ذلك إحدى وأربعون عقيدة فأولها الوجود، ويستحيل عليه العدم. والثاني القدم، ومعناه لا أول لوجوده، ويستحيل عليه الحدوث. والثالث البقاء، ومعناه الذي لا آخر لوجوده، ويستحيل عليه الفناء. والرابع مخالفته تعالى للحوادث في ذاته وصفاته وأفعاله، ويستحيل عليه المماثلة. والخامس قيامه تعالى بالنفس، ومعناه عدم احتياجه إلى ذات يقوم بها، ولا إلى موجد يوجده، ويستحيل عليه أن لا يكون قائما بنفسه. والسادس الوحدانية، بمعنى أنه سبحانه وتعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، ويستحيل عليه التعدد.
والسابع القدرة، ويستحيل عليه العجز. والثامن الإرادة، ويستحيل عليه الكراهية. والتاسع العلم، ويستحيل عليه الجهل. والعاشر الحياة، ويستحيل عليه الموت. والحادي عشر السمع، ويستحيل عليه الصمم. والثاني عشر البصر، ويستحيل عليه العمى. والثالث عشر الكلام، ويستحيل عليه البكم. والرابع عشر كونه قادرا، ويستحيل عليه كونه عاجزا. والخامس عشر كونه مريدا، ويستحيل عليه كونه مكرها. والسادس عشر كونه عالما، ويستحيل عليه كونه جاهلا.
والسابع عشر كونه حيا، ويستحيل عليه كونه ميتا. والثامن عشر كونه سميعا، ويستحيل عليه كونه أصم. والتاسع عشر كونه بصيرا، ويستحيل عليه كونه أعمى. والعشرون كونه متكلما، ويستحيل عليه كونه أبكم. فهذه أربعون عشرون واجبة، وعشرون مستحيلة، والواحد والأربعون الجائز في حقه تعالى وهو فعل كل ممكن أو تركه. وتعليمهم ما يجب في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يستحيل، وما يجوز. وجملة ذلك تسع عقائد. فالواجب: الصدق والأمانة، والتبليغ، والفطانة. والمستحيل: الكذب، والخيانة، وكتمان شئ مما أمروا بتبليغه، والبلادة. والجائز في حقهم ما هو من الاعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص مراتبهم العلية، كالأكل والشرب والجماع والمرض الخفيف. فهم عليهم الصلاة والسلام أكمل الناس عقلا وعلما، بعثهم الله وأظهر صدقهم بالمعجزات الظاهرة، فبلغوا أمره ونهيه ووعده ووعيده. وتعليمهم أن الله سبحانه وتعالى بعث النبي الأمي العربي القرشي الهاشمي سيدنا محمدا (ص) برسالته إلى كافة الخلق، العرب والعجم والملائكة والإنس والجن والجمادات. وأن شريعته نسخت الشرائع، وأن الله فضله على سائر المخلوقات. ومنع صحة التوحيد بقول لا آله إلا الله، إلا إن أضاف الناطق إليه محمد رسول الله. وألزم سبحانه وتعالى الخلق تصديقه في كل ما أخبر به عن الله عن أمور الدنيا والآخرة، وتعليمهم أنه ولد بمكة وهاجر إلى المدينة وتوفي فيها، وأنه أبيض مشرب بحمرة، وأنه أكمل الناس خلقا. وتعليمهم نسبه (ص) من جهة أبيه وأمه. وزاد بعضهم أولاده، لأنهم سادات الأمة. فلا ينبغي للشخص أن يهملهم، وهم سبعة: ثلاثة ذكور وأربعة إناث، وترتيبهم في الولادة: القاسم وهو أول أولاده (ص)، ثم زينب، ثم رقيه،