إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
فريضة من الفرائض لعذر ومات قبل قضائها قام النفل مقامها، ويكون كل سبعين منه بركعة منها. كما في ش ق. وقوله:
لا في الدنيا أما فيها فإذا تذكرها يجب عليه قضاؤها، ولا يقوم النفل مقامها. وقوله: مقام ما ترك منها أي من الفرائض. أي ومات قبل تذكرها. (قوله: كما نص عليه) أي على قيامه في الآخرة مقام ما ترك منها. (قوله: والصلاة أفضل إلخ) وذلك لقول الله تعالى: * (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) * الآية. ولقوله (ص): ما افترض الله على العباد بعد التوحيد شيئا أحب إليه من الصلاة. ولو كان شئ أحب منها لتعبد به ملائكته، فمنهم راكع وساجد وقائم وقاعد. ولخبر الصحيحين: أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها. وقوله عليه الصلاة والسلام: استقيموا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة. ولأنها تجمع من القرب ما تفرق في غيرها، من ذكر الله تعالى ورسوله والقراءة والتسبيح واللبس والاستقبال والطهارة والسترة وترك الاكل والكلام وغير ذلك، مع اختصاصها بالركوع والسجود وغيرهما. وقوله: عبادات البدن خرج بها عبادات القلب، فإنها أفضل من الصلاة، وذلك كالايمان والمعرفة والتفكر في مصنوعات الله تعالى التي يستدل بها على كمال قدرته، والصبر وهو حبس النفس على الطاعة ومنعها عن المعصية، والتوكل وهو التفويض إلى الله في الأمور كلها، والاعراض عما في أيدي الناس، والرضا والخوف والرجاء، ومحبة الله ومحبة رسوله وأهل بيته، والتوبة والتطهر من الرذائل. وأفضلها الايمان. ورأيت في هامش فتح الجواد ما نصه: قال الفارقي: وهذا - أي قوله عبادات البدن - احتراز من عبادات المال، فإنها أفضل من عبادات البدن على ما وردت به الاخبار، ولان نفعها يتعدى إلى الغير ونفع عبادات البدن قاصر على العابد، ونفع العباد أفضل الطاعات، ولهذا قرن (ص) بين نفع العباد وبين الايمان بالله، وسوى بين الشرك بالله وبن ظلم العباد فقال عليه السلام: ليس بعد الايمان أفضل من نفع العباد، وليس بعد الشرك بالله أعظم من ظلم العباد. اه‍. من فوائد المهذب لابن أبي عصرون. انتهى. والظاهر أن المراد بعبادات المال ما يعم الصدقة الواجبة كالزكاة، والمستحبة. لكن قول الشارح الآتي، وقيل: أفضلها الزكاة. يقتضي أن الزكاة من عبادات البدن، لان أفعل التفضيل بعض من المضاف إليه. ثم رأيت القسطلاني نص على أن الزكاة من العبادات المالية، وعبارته فيما كتبه على حديث: بني الاسلام على خمس إلخ: ووجه الحصر في الخمسة أن العبادات إما قولية أو غيرها، الأولى: الشهادتان. والثانية: إما تركية أو فعلية، الأولى: الصوم. والثانية: إما بدنية أو مالية، الأولى الصلاة، والثانية الزكاة، أو مركبة منهما. وهي الحج. اه‍. وعلى ما قاله الفارقي تكون الزكاة أفضل مطلقا، فتدبر.
وقوله: بعد الشهادتين منه تعلم أن المراد بالعبادات البدنية ما يشمل اللسانية. اه‍ كردي. (قوله: ففرضها) أي الصلاة. وقوله: أفضل الفروض أي من سائر العبادات البدنية. (قوله: ونفلها أفضل النوافل) لا يرد حفظ غير الفاتحة من القرآن والاشتغال بالعلم، حيث نص الشافعي على أنهما أفضل من صلاة التطوع لأنهما فرض كفاية. (قوله: ويليها) أي الصلاة، في الفضيلة. (قوله: على ما جزم به) أي بالترتيب المذكور بعضهم. وقيل أن الذي يلي الصلاة الزكاة، ثم الصوم، ثم الحج. (قوله: وقيل أفضلها) أي عبادات البدن وهذا مقابل قوله: والصلاة أفضل عبادات البدن. (قوله:
وقيل الصوم) أي أفضلها، لخبر الصحيحين: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به. وإنما اختص الصوم به سبحانه وتعالى لأنه لم يتقرب لاحد بالجوع والعطش إلا لله تعالى، ولأنه مظنة الاخلاص لخفائه، دون سائر العبادات.
فإنها أعمال ظاهرة يطلع عليها فيكون الرياء أغلب فيها. وقيل إن كان بمكة فالصلاة أفضل، أو بالمدينة فالصوم أفضل.
(قوله: وقيل الحج) أي أفضلها، لاشتماله على المال والبدن، ولأنا دعينا إليه ونحن في الأصلاب. كما أخذ علينا العهد بالايمان حينئذ. ولان الحج يجمع معاني العبادات كلها. فمن حج فكأنما صام وصلى واعتكف وزكى ورابط في سبيل الله وغزا. كما قاله الحليمي. (قوله: وقيل غير ذلك) منه ما قاله بعضهم أن الجهاد أفضل، ومنه ما قاله في الاحياء.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست