غايته وثمرته وفضله ليخرج عن العبث ويزداد جده. وبقية المبادي العشرة المشهورة، وقد نظمها كلها العلامة الخضري في قوله:
مبادي أي علم كان حد * وموضوع وغاية مستمد مسائل نسبة واسم وحكم * وفضل واضع عشر تعد ونظمها أيضا أبو العلاء المعري في قوله:
من رام فنا فليقدم أولا * علما بحده وموضوع تلا وواضع ونسبة وما استمد * منه وفضله وحكم يعتمد واسم وما أفاد والمسائل * فتلك عشر للمنى وسائل وبعضهم فيها على البعض اقتصر * ومن يكن يدري جميعها انتصر والشارح - رحمه الله تعالى - ذكر منها أربعة: الحد، والاسم، والاستمداد، والفائدة. وبقي عليه ستة: موضوعه، وحكمه، ومسائله، وواضعه، ونسبته، وفضله. فأما الأول، فهو أفعال المكلفين من حيث عروض الاحكام لها. وأما الثاني، فهو الوجوب العيني أو الكفائي. وأما الثالث، فهو القضايا، كالنية واجبة، والوضوء شرط لصحة الصلاة، ودخول الوقت سبب لها. وأما الرابع، فالأئمة المجتهدون. وأما الخامس، فهو المغايرة للعلوم. وأما السادس، فهو فوقانه على سائر العلوم، لقوله (ص): من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. ولقوله (ص): إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: حلق الذكر. قال عطاء: حلق الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وكيف تصلي وكيف تزكي وكيف تحج وكيف تنكح وكيف تطلق، وما أشبه ذلك. والمراد معرفة كيفية الصلاة والزكاة والحج، وذلك يكون بمعرفة أركانها وشروطها ومفسداتها، إذ العبارة بغير معرفة ذلك غير صحيحة، كما قال ابن رسلان:
وكل من بغير علم يعمل أعماله مردودة لا تقبل وعن ابن عمر رضي الله عنهما: مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة. لقوله (ص): يسير الفقه خير من كثير العبادة.
وما أحسن قول بعضهم:
عليك بعلم الفقه في الدين إنه سيرفع فاستدركه قبل صعوده فمن نال منه غاية بلغ المنى وصار مجدا في بروج سعوده (وقوله):
تفقه فإن الفقه أفضل قائد إلى البر والتقوى وأعدل قاصد هو العلم الهادي إلى سنن الهدى * هو الحصن ينجي من جميع الشدائد فإن فقيها واحدا متورعا * أشد على الشيطان من ألف عابد (وقوله):
إذا ما اعتز ذو علم بعلم فعلم الفقه أولى باعتزاز فكم طيب يفوح ولا كمسك وكم طير يطير ولا كباز (وقوله):
وخير علوم علم فقه لأنه يكون إلى كل العلوم توسلا فإن فقيها واحدا متورعا على ألف ذي زهد تفضل واعتلى