وعجائب، منها أن من داوم عليه في خلوة مجردا بأن يقول الله، الله، حتى يغلب عليه منه حال، شاهد عجائب الملكوت، ويقول - بإذن الله - للشئ كن فيكون. وذكر بعضهم أن من كتبه في إناء - بحسب ما يسع الاناء - ورش به وجه المصروع أحرق بإذن الله شيطانه. ومن ذكره سبعين ألف مرة في موضع خال عن الأصوات، لا يسأل الله شيئا إلا أعطيه. ومن قال كل يوم بعد صلاة الصبح هو الله، سبعا وسبعين مرة، رأى بركتها في دينه ودنياه، وشاهد في نفسه أشياء عجيبة. (قوله: ولم يسم به غيره) أي بل سمى نفسه به قبل أن يعرفه لخلقه، ثم أنزله على آدم ليعرفه لهم. ويدل لذلك قوله تعالى: * (هل تعلم له سميا) * أي هل تعلم أن أحدا غير الله تسمى بهذا الاسم؟. والاستفهام للانكار. (وقوله: ولو تعنتا) أي أنه لا يستطيع أحد التسمية به ولو على وجه التعنت، أي التشدد والتعصب. قال في القاموس: عنته تعنيتا، أي شدد عليه، وألزمه ما يصعب عليه أداؤه. ويقال: جاءه متعنتا أي طالبا زلته. انتهى. ويروى أن امرأة سمت ولدها الله فنزلت صاعقة وأحرقته.
(قوله: والرحمن الرحيم صفتان إلخ) أي مشبهتان بحسب الوضع. (وقوله: بنيتا) أي اشتقتا للمبالغة، أي لأجل إفادتها بحسب الاستعمال لا بحسب الصيغة والوضع. وبما ذك يندفع ما قيل إن كونهما للمبالغة ينافي كونهما صفتين مشبهتين، لان الصفة المشبهة للدوام وصيغة المبالغة للحدوث والتجدد. ويندفع به أيضا ما قيل إن صيغ المبالغة محصورة في خمسة، ورحمن ليس منها، على أن بعضهم منع الحصر المذكور. والمراد بالمبالغة المبالغة النحوية، وهي قوة المعنى، أو كثرة أفراده، لا البيانية وهي أن تثبت للشئ زيادة على ما يستحقه لأنها مستحيلة، إذ جميع أسمائه في نهاية الكمال. (وقوله: من رحم) أي بكسر الحاء بعد نقله من فعل بكسر العين إلى فعل بضمها، أو بعد تنزيله منزلة اللازم، فلا يرد ما يقال إن الصفة المشبهة لا تصاغ من المتعدي، ورحم متعد، يقال: رحمك الله. وبعضهم أثبت كونه يستعمل لازما مضموم العين، فيقال رحم كحسن، ومصدره الرحم كالحسن، ومنه قوله تعالى: * (وأقرب رحما) * فعلى هذا لا حاجة للتنزيل والنقل المارين. (قوله: والرحمن أبلغ من الرحيم) استئناف بياني واقع في جواب سؤال مقدر تقديره: لم قدم الرحمن على الرحيم؟ ومعنى كونه أبلغ أن مدلوله أعظم وأزيد من مدلول الرحيم. وهو مأخوذ من المبالغة لا من البلاغة، لأنها لا يوصف بها لمفرد. (وقوله: لان زيادة البناء إلخ) كما في قطع بالتخفيف وقطع بالتشديد، وكما في كبار وكبار. ومحل هذه القاعدة إذا وجدت شروط ثلاثة أن يكون ذلك في غير الصفات الجبلية، فخرج نحو شره ونهم، لان الصفة الجبلية لا تتفاوت. وأن يتحد اللفظان في النوع، فخرج نحو حذر وحاذر، إذ الأول صفة مشبهة والثاني اسم فاعل. ويتحدا في الاشتقاق، فخرج نحو زمن وزمان، إذ لا اشتقاق فيهما. (وقوله: ولقولهم) أي السلف، ففيه تصريح بأن هذا ليس بحديث. وقال ابن حجر: إنه حديث، والمبالغة فيه لشمول الرحمن للدنيا والآخرة، والرحيم مختص بالآخرة أو الدنيا، فالأبلغية بحسب كثرة أفراد المرحومين وقلتها، فهي منظور فيها للحكم. وأما ما جاء في الحديث: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما فلا يعارض ما ذكر، لأنه يجوز أن تكون الأبلغية بالنظر للكيف. اه. بجيرمي بتصرف. وفي حاشية الجمل ما نصه: قوله ولقولهم، لم يقل ولقوله عليه الصلاة والسلام لان كلا مما ذكره غير حديث، لان حاصل الصيغ التي وردت هنا ست صيغتان: منها حديثان، وهما: الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة، والصيغة الثانية: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما. وأما بقية الصيغ التي من جملتها ما ذكره الشارح فهي غير أحاديث، وهي أربع صيغ: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الآخرة، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا،