إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ١٠٩
(قوله: وأما الآدمي إلخ) المناسب لما قبله أن يقول: ولقوله تعالى: * (ولقد كرمنا بني آدم) * في الأول. (قوله: ولقد كرمنا بني آدم) قال ابن عباس رضي الله عنهما: بأن جعلهم يأكلون بالأيدي وغيرهم يأكل بفيه من الأرض. وقيل: بالعقل.
وقيل: بالنطق والتمييز والفهم. وقيل: باعتدال القامة. وقيل: بحسن الصورة. وقيل: الرجال باللحى والنساء بالذوائب.
وقيل: بتسليطهم على جميع ما في الأرض وتسخيره لهم. وقيل: بحسن تدبيرهم أمر المعاش. اه‍. (قوله: وقضية التكريم إلخ) سواء في ذلك المسلم وغيره. وأما قوله تعالى: * (إنما المشركون نجس) * فالمراد به نجاسة الاعتقاد، أي إنما اعتقاد المشركين كالنجاسة في وجوب الاجتناب. وأما قوله (ص): لا تنجسوا موتاكم، فإن المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا فجرى على الغالب. أي لأنه كان (ص) عند ذكر الاحكام لا يذكر إلا المسلمين في الغالب، وإن كان الكفار قد يشاركونهم في الحكم.
وعند الامام مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما: ميتة الآدمي نجسة إلا الأنبياء والشهداء، وتطهر بالغسل. (قوله: وغير صيد) بالجر، عطف على غير بشر. وقوله لم تدرك ذكاته أي بأن مات بالجارحة أو بالضغطة، فهو طاهر لان ذكاته بذلك. ففي الصحيحين: إذا أرسلت كلبك وسميت وأمسك وقتل فكل، وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك لنفسه ومثل الصيد البعير الناد الميت بالسهم لان ذلك ذكاة شرعية له. وخرج بذلك ما إذا أدركت ذكاته فلم يذك فإنه نجس. وقوله: وجنين مذكاة معطوف على صيد. أي فهو طاهر، لقوله (ص): ذكاة الجنين ذكاة أمه. وقوله: مات بذكاتها خرج به ما إذا لم يمت بذكاتها بأن خرج حيا حياة مستقرة ثم مات من غير ذبح فهو نجس. (قوله: ويحل أكل دود مأكول) أي كدود التفاح وسائر الفواكه ودود الخل، فميتته وإن كانت نجسة لكنها لا تنجس ما ذكر، لعسر الاحتراز عنه. وحل أكله لعسر تمييزه. (قوله: ولا يجب غسل نحو الفم منه) أي لأنه لا يتنجس به. (قوله: لا يجوز أكل إلخ) مفعول نقل، أي: نقل هذا اللفظ. وقوله: أي من المستقذرات بيان لما. (قوله: وظاهره) أي ظاهر ما نقله في الجواهر. وقوله: لا فرق أي في عدم الجواز. وقوله: بين كبيره أي السمك. (قوله: لكن ذكر الشيخان جواز أكل الصغير إلخ) وألحق في الروضة الجراد بذلك. وقوله: مع ما في جوفه قال البجيرمي: وإن كان الأصح نجاسته. (قوله: وكمسكر) معطوف أيضا على كروث. وانظر ما فائدة إعادة الكاف فيه وفيما قبله وفيما بعده، ثم ظهر أنه لما كان النجس أنواعا، كل نوع غير الآخر - فما خرج من الجوف كالروث والبول نوع، والميتة نوع، والمسكر نوع - ناسب أن يفصل كل نوع عن الآخر بحرف الجر. (قوله: فدخلت القطرة من المسكر) أي في المسكر. فمن بمعنى في. قال ابن قاسم: في هذا التفريع نظر لان القطرة لا تصلح للاسكار، فكان الوجه أن يزاد عقب قوله صالح للاسكار قوله ولو بانضمامه لمثله. أو يقول: مسكر ولو باعتبار نوعه. اه‍. (قوله: مائع) صفة لمسكر. وفي الوصف به إشارة إلى أن المراد بالمسكر هنا المغطي للعقل لا ذو الشدة المطربة، وإلا لم يحتج للوصف المذكور لان ما فيه شدة مطربة
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست