إذا اجتمع السقيان في زرع وكان يسقى بماء السماء مدة وبالنضح مدة فلا يخلو اما أن يكون الزرع منشأ على هذا القصد أو بنى أمره على أحد الشقين ثم اعترض الآخر واجتمعا (الحالة الأولى) وهي المقصودة في الكتاب أن ينشأ الزرع على قصد السقي بهما جميعا ففيه قولان كالقولين فيما إذا تنوعت إبله أو غنمه (أظهرهما) أنه يقسط الواجب عليهما لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم فيما إذا تنوعت (فيما سقت السماء العشر وفيما سقى بنضح نصف العشر) فعلى هذا لو كان ثلثا السقي بماء السماء والثلث بالنضح وجب خمسة أسداس العشر ثلثا العشر للثلثين وثلث نصف العشر للثلث ولو سقى على التساوي وجب نصف العشر ونصف نصف العشر وذلك ثلاثة أرباع العشر (والقول الثاني) وحكاه في الشامل عن أبي حنيفة واحمد ان الاعتبار بالأغلب فإن كان السقي بماء السماء أغلب ففيه العشر وإن كان السقي بالنضح أغلب ففيه نصف العشر لان النظر إلى اعداد السقي وأزمنته مما يشق ويعسر فيدار الحكم على الغالب تخفيفا وعلى هذا لو استويا ففيه وجهان حكاهما الامام (أحدهما) انه يجب العشر نظرا للمساكين وهذا هو الذي حكاه المسعودي تفريعا على القول الثاني (وأصحهما) وهو الذي أورده في الكتاب انا نقسط الواجب عليهما كما ذكرنا على القول الأول لانتفاء الغلبة من الجانبين وعلى هذا فالحكم حالة الاستواء واحد على القولين فينتظم ان يقال إن استويا وجب ثلاثة أرباع العشر فإن كان أحدهما أغلب فقولان وهكذا أورد صاحب الكتاب والأكثرون ثم سواء قلنا بالتقسط أو اعتبرنا الأغلب فالنظر إلى ماذا في معرفة المقادير: فيه وجهان (أحدهما) أن النظر إلى عدد السقيات لان المؤونة بحسبها تقل وتكثر ولا شك أن الاعتبار بالسقيات المفيدة دون ما لا تفيد أو تضر (وأوفقهما) لظاهر نصه أن الاعتبار بعيش الزرع ونمائه أهو بأحدهما أكثر أم لا وكذا عيش التمر فإنه المقصود وقال في النهاية وعبر بعضهم عن هذا بعبارة أخرى فقال النظر إلى النفع وقد تكون السقية الواحدة أنفع من سقيات كثيرة قال وهما متقاربان الا أن صاحب العبارة الثانية لا ينظر إلى المدة وإنما ينظر إلى النفع الذي يحكم به أهل الخبرة وصاحب العبارة الأولى يعتبر المدة: واعلم أن اعتبار المدة هو الذي ذكره الأكثرون على الوجه الثاني وذكروا في المثال انه لو كانت المدة من يوم الزرع إلى الادراك ثمانية أشهر واحتاج في ستة أشهر زماني الشتاء والربيع إلى سقيتين فسقى بماء السماء وفي شهرين وهو زمان الصيف إلى ثلاث سقيات فسقي بالنضح فان اعتبرنا عدد السقيات فعلى قول التوزيع يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر وذلك ثلاثة أخماس العشر ونصف خمسه وعلى قول اعتبار الأغلب يجب نصف العشر لان عدد السقيات بالنضح أكثر وان اعتبرنا المدة فعلى قول التوزيع يجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصف العشر وعلى قول اعتبار الأغلب يجب العشر لان مدة السقي بماء السماء
(٥٧٩)