فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٧
قولان ووجهان أحد القولين أن يقعد متربعا لما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم (لما صلى جالسا تربع) (1) ويروى هذا عن مالك واحمد وأبي حنيفة ثم يركع متربعا أم يفترش إذا أراد الركوع عن أبي حنيفة وأصحابه فيه اختلاف رواية وأصحهما أنه يقعد مفترشا لأنه قعود لا يعقبه سلام فأشبه التشهد الأول وسيأتي معنى الافتراش في موضعه وتأويل الخبر انه ربما لم يمكنه الجلوس على هيئة الافتراش أو أراد تعليم الجواز والا فالتربع ضرب من التنعم لا يليق بحال العبادة ويجرى القولان فيما إذا قعد في النافلة واما الوجهان فأحدهما وقد ذكره في الكتاب أنه ينصب ركبته اليمنى ويجلس على رجله اليسرى كالقارئ يجلس بين يدي المقرئ ولا يتربع لما ذكرنا ولا يفترش لتفارق هيئة الجلوس هنا هيئة الجلوس في التشهد وهذا يحكي عن القاضي الحسين والوجه الثاني حكى في النهاية أن بعض المصنفين ذكر انه يتورك في هذا القعود ويمكن أن يوجه هذا بان مدة القيام طويلة وهذا القعود بدل عنه فاللائق به التورك كما في آخر الصلاة واما الافتراش فإنما يؤمر به عند الاستيفاز وإذا عرفت ما ذكرناه فلا يخفى عليك ان تفسير الاقعاء من لفظ الكتاب ينبغي أن يعلم بالواو وقوله الافتراش أفضل بالميم والألف والحاء وكذلك ينصب ركبتيه اليمني وقوله ليفارق جلسة التشهد بعض التوجيه معناه لا يفترش لهذا المعنى ولا يتربع لأنه هيئة تنعم واما هذه فهي لائقة بالتعظيم * قال (ثم إن قدر القاعد على الارتفاع إلى حد الركوع يلزمه ذلك في الركوع فإن لم يقدر فيركع قاعدا إلى حد تكون النسبة بينه وبين السجود كالنسبة بينهما في حال القيام فان عجز عن وضع الجبهة انحنى للسجود وليكن السجود اخفض منه للركوع) * حكم المصنف بان القاعد لو قدر على الارتفاع عند الركوع إلى حد الراكعين عن قيام لزمه ذلك ذكره امام الحرمين ووجهه بان الركوع مقدور عليه فلا يسقط بالمعجوز عنه وهذا الكلام مفرع منهما على أن من بلغ انحناؤه حد الركوع يقعد فاما إذا فرعنا على أنه يقف كذلك وهو الأظهر على ما تقدم فلا تجئ هذه المسألة الا أن يفرض لحوق ضرر في الوقوف قدر القيام دون الوقوف قدر الركوع فيحنئذ يقعد لخوف الضرر لا بسبب الانحناء ويرتفع عند الركوع واما من لا يقدر على
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست