ذكرنا خلافا في أنه هل يصبر أم يتيمم ويصلي في الوقت فتحصل من هذا الكلام وجه ثالث انه يصبر إلى تمام اجتهاد ولا يصلي وان فات الوقت لا كيفما كان ولا بالتقليد وما ذكرناه من الاجتهاد مستمر في حق الغائب عن مكة فأما الحاضر بمكة إذا لم يعاين الكعبة لحائل بينه وبين الكعبة نظر إن كان الحائل أصليا كالجبل فله الاجتهاد والاستقبال بالاستدلال ولا يكلف صعود الجبل أو دخول المجسد لما فيه من المشقة وإن كان الحائل حادثا كالأبنية فوجهان أحدهما لا يجوز لان الفرض في مثل هذا الموضع قبل حدوث البناء إنما هو المعاينة دون الاجتهاد فلا يتغير بما طرأ من البناء وأصحهما الجواز كما في الحائل الأصلي لما في تكليف المعاينة من المشقة وما ذكره في الكتاب قبل هذا الفصل ان الواقف بمكة خارج المسجد إذا لم يعاين الكعبة يستدل عليها بما يدل عليها كأنه جواب على هذا الوجه ولو خفيت الدلائل على المجتهد اما لتغيم اليوم أو لكنه محبوسا في ظلمة فتحير لذلك أو لتعارض الدلائل عنده ففي المسألة ثلاثة طرق أظهرها ان فيها قولين أصحهما عند الأكثرين أنه لا يقلد لأنه قادر على الاجتهاد والتحير عارض وقد يزول عن قريب والثاني وهو اختيار ابن الصباغ أنه يقلد لأنه عجز عن استبانة الصواب بنظره فأشبه الأعمى والطريق الثاني القطع بالقول الأول والثالث القطع بالثاني فإذا قلنا لا يقلد فيصلي كيف اتفق
(٢٢٨)