الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٣٧٦
وكذلك روي في الأثر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فأما الصقر والبازي والشاهين وجميع الجوارح فما قتلت فليس بذكي لأنها لا تأتمر إذا أمرت، ولا تأتي إذا دعيت لغير طعم ولا تذهب إذا أمرت، والكلاب تأتي إذا دعيت، وتذهب إذا زجرت، وذلك فهو التكليب بعينه، لان التكليب فهو الائتمار، وما سمينا من جوارح الطير فلا تأتمر وإنما يأتي إلى الطعم إذا رآه ويطير إلى صيد إذا أبصره في وقت جوعه وحاجته إلى طعمه طلبا منه لقوته، فإذا شبع لم يطرد إن طرد، ولم يرجع إلى صاحبه إن دعاه وما كان هكذا فهو بعيد ن الائتمار، وما بعد من الائتمار بعد من التكليب.
وأما الفهد فإن كان في الحالة كالكلب في ائتماره في إقباله وإدباره وإغرائه وتكليبه في حال شعبه وجوعه فحال صيده كحال صيد الكلب، وإن كان مخالفا للكلب في معاني الائتمار والتكليب فالاكل لما قتل غير مصيب.
حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عما قتل الكلب والصقر، فقال:
ما قتل الكلب المعلم فحلال عندي أكله وذكاة ما قتل الكلب المعلم فهو قتله له ويؤكل ما قتل وإن كان أكله إلا أقله، ولا أعلم فيما أجبتك به في هذا اختلافا بين أحد من النساء إلا شيئا ذكر فيه من خلاف عن ابن عباس فإنه ذكر عنه أنه كأن يقول: لا يؤكل ما أكل الكلب المعلم من صيده فإنه إنما أمسك الصيد إذا أكله على نفسه لا على مرسله، وظننت أن ابن عباس تأول في ذلك قول الله جل ثناؤه: * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * (2) فكأنه عند ابن عباس أكله له غير امساك منه على مرسله وهو عندي قد يمسك بالقتل أكبر الامساك، والمذكور المشهور أن عدي بن

(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست