الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
رأيه وأراد صلاحه ورده عن معاصي ربه إلى طاعته والإمام فإنما هو في الرعية مثل المتطبب المداوي البصير المعروف بالمداواة والبصر بالتطبب، فإذا رأى المتطبب العليل يحتاج إلى دواء فسقاه إياه بالاجتهاد منه لرأيه والاستيذان لعصبته فعنت العليل أو هلك لم يكن على المعالج من بعد الاجتهاد والاستيذان لعصبته معرة ولادية.
وكذلك الإمام على الاجتهاد فيما يصلح الرعية، ويردها عن الفسق والافعال الردية، وبذلك أمره الله فيها، وأمر الله له بأدائها على ما يكون من خطأ فعلها واطلاق يده في ذلك وبه عليها، أعظم من إذن عصبة المريض المتطبب في معالجته، فإذا اجتهد الإمام في اصلاح الأمة وردها بالأدب والتنكيل لها عن فسقها والاجتراء على خالقها، فعنت منهم أحد في ذلك أو هلك فلا ضمان عليه في شئ من ذلك، وعليه الاستقامة والاستقصاء في الأدب، والاجتهاد لله فميا يصلح العباد والبلاد، وان تلف في ذلك خلق عظيم لا يسعه غيره ولا يجوز له عند الله سواه.
وإنما تجب الدية وتلزم المعرة في فعل ما لم يكن يجوز له فعله فيخطئ في ذلك فيفعله من غير تعمد منه لفعله، مثل شاهدين شهدا على رجل بسرقة وبإخراجها من الحرز فقطعه الإمام ثم وجد أحدهما أعمى أو وجده مجنونا، أو أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجمه ثم وجد أحدهما أعمى فهذا خطأ منه تجب فيه الدية عليه، فاما ما لا بد له من فعله وما لا يسعه تركه من تأديب الأمة فلا معرة عليه فاما ما لا بد له من فعله وما لا يسعه تركه من تأديب الأمة فلا معرة عليه فيه لان المعرة إنما جعلت تنكيلا للمخطئ عن العودة فيما منه أتى، ولو لزمت الداية الإمام فيما أحدث على المؤدب إذا لم يجزله ما ينبغي من الأدب لكان ذلك تنكيلا له على تأديب الأمة، ولو تنكل عن تأديبها لهلك في النار بعذاب ذي الجلال والاكرام من الأمة أكثر مما يهلك بتأديب الإمام، ولو لم يكن
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 279 280 281 ... » »»
الفهرست