الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٢٧٣
وكل ما عاد إلى شئ من ذلك عاد له بالأدب المبرح، ولا يجوز له أن يقتله لأنه محرم لها مقر بتحريم الله ما يأكل منها. ولم يأمر الله بقتل من أكل من ذلك شيئا، وإنما على الإمام عن يستقصي على من فعل من ذلك شيئا، وليس له أن يقتله قتلا، لان الله لم يأمر بقتله أمرا، ولم يحكم به عليه حكما، إذا كان غير مستبيح لها ولا مستحل لما حرم الله تعالى منها وكأن يقول بتحريم الله، مقرا على نفسه بالعصيات لله فيها.
وكذلك يجب على شارب الخمر الأدب المبرح في شربها إذا كان مقرا بتحريمها، وكذلك الحكم في استحلالها والاستباحة لما حظر الله فيها، وتحليل ما حرم الله سبحانه من شربها، وانكار ما نهى الله جل جلاله عنه من تناولها كالحكم في استحلال غيرها من الميتة والدم وتحليل ما حرم الله من أكلها، وانكار ما نهى الله عنه من التشديد فيها.
فلو أن رجلا قال: إن الميتة والدم حلال غير حرام، واعتقد ذلك، وقال به لوجب على الإمام أن يستتيبه فإن تاب خلى سبيله وإن لم يتب ضربت عنقه. وكذلك لو قال: إن الخمر حلال غير حرام واعتقد ذلك وقال به لوجب على الإمام أن يستتيبه، فإن تاب وإلا قتله، لأنه مبارز معاند لله سبحانه بتحليله لما حرم الله وتحريم ما أحل الله، ومن أحل ما حرم الله فهو كمن حرم ما أحل الله، ومن حرم ما أحل الله وأحل ما حرم الله فقد جهل الله وأنكره، لان من أنكر فعل الله في تحريمه، أو تحليله فقال لما حرمه لم يحرمه كمن أنكر فعله في ارسال رسله، فقال لمن أرسل لم يرسله، ومن أنكر فعله في ارسال رسله، كمن أنكر فعله في خلق سماواته وأرضه.
ومن قال إن الله لم يخلق السماء أو غيرها من الأشياء، فلم يعرفه ولم يعبده لأنه يعبد الذي لم يخلق السماء، والله جل جلاله فهو خالقها ومصورها، وكذلك من قال لم يحرم الله الدم ولا الخمر فهو منكر لله غير
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 279 ... » »»
الفهرست