الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٢٨٧
يكون الرجل يسلم وهو في قومه لا يعلم باسلامه وهو يكتمه فيلقاه المسلمون بناحية من الأرض فيقتلونه وهم يظنون أنه على ما كان عليه من شركه، ثم يعلمون بعد ذلك باسلامه، فهذا الذي جعل الله فيه الكفارة ولم يجعل فيه الدية لان المسلمين ورثته دون مناسبيه من المشركين وهم الذين يعقلون عنه لو كان جنى جناية فجعلهم الله أولى بديته، إذا كانوا العاقلين عنه دون قرابته من غير أهل دينه. ثم قال سبحانه: * (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) * (19).
فجعل فيمن كان بينهم وبينه ميثاق من المشركين دية وذلك لما بينهم من العهد والميثاق فسلمت إليهم دية لما بينهم من عهد الله وميثاقه وجعل فيه سبحانه الكفارة لأنه مؤمن ثم جعل على من لم يجد رقبة مؤمنة صيام شهرين متتابعين لا يفصل بينهما إلا من علة عظيمة فيفصل بينهما ثم يبني على ما كان من صيامه عند خروجه من علته وطاقته لصيام كفارته.
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: فلم يزل المسلمون على ذلك حتى أنزل الله تبارك وتعالى براءة فنقضت العهد الذي كان بينهم وبين المشركين ونبذ إليهم رسول الله عهدهم وآذنهم بما أمره الله به من محاربتهم، وكان أول نبذ العهود إلى المشركين من قريش خاصة لأنهم كانوا أصحاب العهد والهدنة، ثم استثنى تبارك وتعالى فقال: * (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) * (20) فنزلت هذه الآية في هلال بن عويمر كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عهد فلم يكن نقض هلال ما بينه وبين الني صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكان مشركوا قريش يخرجون من مكة فيأتون هلالا وكان أصحاب رسول

(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست