الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
عابد ولا عارف به ولا مقر به، لأنه يقول إن الذي حرم الخمر ليس بالله، وأن الله لم يحرمها فهو يعبد في أصل قوله من لم يحرم الخمر والميتة والدم، والله فقد حرم ذلك كله، ومن لم يعبد من حرم الميتة والخمر، والدم ولحم الخنزير فقد عبد غير الله، ومن عبد غير الله كمن كفر بالله وأشرك به، فحال من كان كذلك في الحكم كحال المشركين، وسبيله في ذلك كسبيل المرتدين. فان تابوا، وأنابوا، ورجعوا واستقاموا خلوا، وأن لم يرجعوا ويتوبوا قتلوا، فلما أن كان معنى الخمر، والميتة، والدم ولحم الخنزير في الحكم من الله على من أباحها وحلل ما حرم الله منها سواء بالقتل ان لم يتب، كان الحكم منه سبحانه بالعقوبة والأدب على من نال من ذلك شيئا وهو مقر بالتحريم له من الله سبحانه سواء سواء لا خلاف فيه.
فلما إن صح ذلك عندنا وثبت في عقولنا علمنا أنه لابد أن يكون على من أتى شيئا من ذلك أدب منكل، ثم وجدنا أدب شارب الخمر قد تقدم تحديده من الرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذلك أنها شربت على عهده فاحتذينا في ذلك بفعله، وألزمنا شارب الخمر ما ألزمه الرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يأت عنه أدب محدود على أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، لأنه لم يؤكل من ذلك شئ على عهده ولا من بعده إلى اليوم فيما علمنا، وان حدث من ذلك شئ اجتهد الإمام رأيه في الأدب فيه، ومن لم يلزم في الخمر شاربها أدبا مبرحا لزمه ألا يلزم في أكل الميتة والدم، ولحم الخنزير أدبا لان ذلك كله سواء في حكم الله العلي الاعلى.
ومن أوجب الأدب في ذلك كله وغيره ورأى أن إقامة ذلك على فاعله لازمة للامام، لم يلزمه معرة إن حدثت من أدبه له لأنه إنما اجتهد
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 279 280 ... » »»
الفهرست