المسائل السروية - الشيخ المفيد - الصفحة ٧٩
للأحكام، لم يضع (1) منه شئ (2).
وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع لأسباب (3) دعته إلى ذلك، منها:
قصوره عن معرفة بعضه.
ومنها: شكه فيه وعدم تيقنه (4).
ومنها: ما تعمد إخراجه منه.
وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره، وألفه بحسب ما وجب من تأليفه، فقدم المكي على المدني، والمنسوخ على الناسخ، ووضع كل شئ منه في محله (5).
فلذلك قاد جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: " أما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا " (6).

(١) في " أ " و " م ": يقع.
(٢) أراد ما كان مثبتا في النسخ الأولى من تأويل لبعض الآيات، وسيأتي بيانه.
(٣) في " أ ": أشياء، وفي " م ": والأسباب.
(٤) في " ب " و " ج " و " د ": ومنه ما شك فيه ومنه ما عمد بنفيه.
(٥) في " أ " و " ب، و " ج " و " د ": حقه.
(٦) تفسير العياشي ١: ١٣ ح / ٥ - ٦ بهذا النص: عن داود بن فرقد، عمن أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: " لو قد قري القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين " وقال سعيد ابن الحسين الكندي عن أبي جعفر عليه السلام بعد مسمين: " كما سمي من قبلا ".
قال السيد الخوئي: يعارض جميع هذه الروايات صحيحة أبي بصير المروية في الكافي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "، - النساء: ٥٩ - فقال: " نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام ".
فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله؟
قال عليه السلام: " فقولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر لهم ذلك... " - الكافي ١: ٢٢٦ / ١ - فتكون هذه الصحيحة حكمة على جميع تلك الروايات وموضحة للمراد منها، وأن ذكر أمير المؤمنين عليه السلام في تلك الروايات قد كان بعنوان التفسير، أو بعنوان التنزيل مع عدم الأمر بالتبليغ.
قال: ومما يدل على أن اسم أمير المؤمنين عليه السلام لم يذكر صريحا في القرآن حديت الغدير، فإنه صريح في أن النبي صلى الله عليه وآله إنما نصب عليا عليه السلام بأمر الله وبعد أن ورد عليه التأكيد في ذلك، وبعد أن وعده الله بالعصمة من الناس، ولو كان اسم علي عليه السلام مذكورا في القرآن لم يحتج إلى ذلك النصب، ولما خشي رسول الله صلى الله عليه وآله. من إظهار ذلك. وعلى الجملة: فصحة حديث الغدير توجب الحكم بكذب هذه الروايات التي تقول: إن أسماء الأئمة مذكورة في القرآن، ولا سيما أن حديث الغدير كان في حجة الوداع التي وقعت في أواخر حياة النبي صل الله عليه وآله ونزول عامة القرآن...
البيان في تفسير القرآن: ٢٣١ وسيأتي بيان الشيخ المفيد في هذه الروايات أنها أخبار آحاد.
وله رحمه الله في كتابه (أوائل المقالات) ص 55 ما نصه: إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله.
وقد فصل الكلام في هذا الباب الإمام البلاغي في مقدمة تفسير " آلاء الرحمن) ص 24 - 29
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»