فليؤم هذا البيت " (1) الدنيا والآخرة ينبغي أن تطلبا من هذا البيت وكل خير ينبغي أن يبحث عنه فيه.
فالمثوبة والأجر الجزيل الإلهي الكبير غير موقوفين على هذا السفر الروحاني العظيم فحسب، بل أن كيان الأمة الاسلامية ومجدها و عزتها، واستمراد مكانتها وكرامتها لدى أمم العالم وشعوبه، بل و حتى حظها المادي والاقتصادي إنما تتأمن في ظل حج بيت الله الحرام وفيض بركاته.
فلهذا ليس غريبا أن نرى مثل أمير المؤمنين علي عليه السلام في لحظات فوزه بالشهادة وختام حياته الكريمة يوصي بالحج ويعتبره رمز بقاء الأمة والمسلمين، فيقول: " الله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا " نهج البلاغة - كتاب 47.
ولا يفوتنا القول بأن الحج عبادة جامعة، وأن له بسبب أهميته الخاصة وظروفه من حيث المكان والزمان، ومن يجب عليهم - أبعادا عديدة وأحكاما شرعية كثيرة، وفيها أحكام غير معروفة وغير مألوفة، وأن على الحاج أن يتعرف كاملا على هذه الأحكام ليتمكن من أداء حجه على الوجه المطلوب.
وقد بينا فقهاؤنا الماضون قدس الله أرواحهم، ومراجعنا المعاصرون أعلى الله كلمتهم، وأوضحوا أحكام هذه الفريضة في كتب خاصة بها عادة، والذي سبق في هذا المضمار أكبر أساطين فقه أهل البيت عليهم السلام في العصور المتأخرة علم الهدى الشيخ مرتضى الأنصاري قدس الله نفسه الزكية، فألف كتابه " مناسك الحج " وكان المحور والأساس لكل ما كتب الفقهاء بعده، حيث