فان قلت: ان هذا انما يسلم في جواز ادائه من وجه في سبيل الله لمن فعل ذلك جاهلا او غافلا. ولا يتم اذا اريد الاستدلال بجواز هذا القرض وهذا الصرف.
قلت: اولا: يمكن تتميمه فيه بوجه اخر و هو ان يجعل الكلام في قوله " اقترض و اصرفه في تعمير المسجد لان اؤديه من وجه في سبيل الله " من باب " فالتقطه ال فرعون ليكون لهم عدوا ". يعنى افعل هذا الفعل لان عاقبته انه يجوز اداؤه من هذا الوجه لكونه اقامة للمعروف. لانه فرد من افراد السبيل و يجوز ادائه من وجهه.
الثانى: ان هذا الاقراض لصرف تعمير المسجد من باب القرض للسهمان قبل حلول وقت الزكوة وهو جايز للمالك والامام والساعى وثقاة المؤمنين كالفطرة اول الشهر، بناء على عدم جواز التقديم اذ يجوز ان يقرض المالك كل السهمان قبل حضور وقت الزكوة ثم يحسبها بزكوة عليهم. كما يظهر من كلام الفقهاء ولا اختصاص لذلك بالفقراء والمصرف في سبيل الله، ايضا من جملتهم سواء كان غازيا او زائرا او مسجدا او نحو ذلك ولم نقف على احد منهم فرق بين المصارف. فلاحظ كلماتهم. والمالك وكيل من جانب المصرف ايضا لجواز صرفه بنفسه فيه. وكذا الكلام في الامام والحاكم والساعى وثقات المؤمنين.
وممن صحع بثبوت دلالة اخذ الخمس والزكوة من المعانعين لهما لثقات المؤمنين الشهيد (ره) في القواعد وقال العلامة في التذكرة في كتاب الوقف: ان للامام ان يقرض المتولى للمسجد من بيت المال او ياذن له في الاستقراض والانفاق على العمارة من مال نفسه به شرط الرجوع وليس له الاستقراض بدون اذن الامام.
الثالث: عمل بناء المسلمين في كل الاعصار على انهم يستاجرون العملة لاجل المساجد والقناطر ونحوهما في اول اليوم او في اول الشهر للعمل. وبناؤهم على ان يعطوهم الاجرة في آخر النهار او في اخر الشهر مع ان المال الذى اعد لهذا الامر من سهم في سبيل الله ومن ساير وجوه البر. ولا ريب ان الاستيجار انما هو على ذمة المستأجر لا على عين المال المعد لذلك وان كان قصد المستأجر الاداء من ذلك المال لا من عين ماله فانه لا ينفع في برائة ذمة المستأجر سيما مع جهل العملة بذلك فقد جعل ذمته في مقابل العمل وقد لا يمكنه الاعطاء من المال المعد لذلك لتلفه في اثناء النهار او الشهر.