واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٧٠
ولو قال: هو صادق بكل ما يعدكم، لعلموا إنه متعصب، وإنه يزعم أنه نبي، وإنه يصدقه... ثم أتبعه بكلام يفهم منه أنه ليس بمصدق وهو قوله: (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) انتهى (1).
ومن هنا يتبين أن ما ذهب إليه البرسوي الحنفي (ت / ه‍) في معنى قوله تعالى حكاية عن حال المؤمن: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه) من أنه كان يستره ويخفيه من فرعون وملئه لا خوفا، بل ليكون كلامه بمحل من القبول (2)، لا دليل عليه، وتخالفه سائر الأقوال المتقدمة واللاحقة أيضا، على أنه قال بعد ذلك : وكان قد آمن من بعد بمجئ موسى أو قبله بمائة سنة وكتمه (3).
ولعمري من أين له أن يعلم إن كتمان إيمانه قبل أن يسمع بمقولة فرعون بمائة عام كان من غير خوف على نفسه من الكافرين؟
قال الشوكاني الزيدي (ت / 1250 ه‍) - بعد أن ذكر قول المؤمن: ثم تلطف لهم في الدفع عنه فقال: (وإن يك كاذبا...)، ولم يكن قوله هذا لشك منه، فإنه كان مؤمنا كما وصفه الله ولا يشك المؤمن (4).
وقال الآلوسي الوهابي (ت / 1270 ه‍) - وقد ذكر قول المؤمن لفرعون وقومه -: ثم إن الرجل احتاط لنفسه خشية أن يعرف اللعين حقيقة أمره فيبطش به، فتلطف في الاحتجاج فقال: (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) لا يتخطاه وبال كذبه (5).

(1) البحر المحيط / أبو حيان 7: 461.
(2) روح البيان / البرسوي 8: 177.
(3) م. ن 8: 177.
(4) فتح القدير / الشوكاني 4: 489.
(5) روح المعاني / الآلوسي 24: 64.
(٧٠)
مفاتيح البحث: آل فرعون (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»