واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٦٨
ثم أكد أن قوله: (يا قوم لكم الملك) هو استنزال لهم ووعظ لهم من جهة ما هم عليه من شهوات، مع التحذير من زوالها، وبأسلوب الناصح الشفيق لهم (1).
وقال القرطبي المالكي (ت / 671 ه‍) - عن نصائح الرجل المؤمن، وقوله لهم: (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) - ما نصه: ولم يكن ذلك الشك منه في رسالته وصدقه، ولكن تلطفا في الاستكفاف واستنزالا عن الأذى (2)، وهذا القول صريح بأن الرجل لم يظهر إيمانه أمام فرعون، وإلا فكيف يتفق إظهار الإيمان مع رجاء التأثير عليهم في هذه النصائح المقرونة بالتلطف في الاستكفاف والاستنزال عن الأذى؟
وقال عن قوله تعالى: (يكتم إيمانه): إن المكلف إذا نوى الكفر بقلبه كان كافرا وإن لم يتلفظ بلسانه، وأما إذا نوى الإيمان بقلبه فلا يكون مؤمنا بحال حتى يتلفظ بلسانه، ولا تمنعه التقية والخوف من أن يتلفظ بلسانه فيما بينه وبين الله تعالى، إنما تمنعه التقية من أن يسمعه غيره، وليس من شرط الإيمان أن يسمعه الغير في صحته من التكليف، وإنما يشترط سماع الغير له، ليكف عن نفسه وماله (3).
وقال تاج الدين الحنفي (ت / 749 ه‍) في قول المؤمن: (أتقتلون رجلا): هذا استدراج إلى الاعتراف بالبينات بالدلائل على التوحيد... ولما صرح

(١) المحرر الوجيز ١٤: ١٣٤.
(٢) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي 15: 307.
(3) م. ن 15: 308.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»