واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٥٩
وقال البرسوي الحنفي (ت / 137 ه‍): (إلا من أكره): أجبر على ذلك التلفظ بأمر يخاف على نفسه، أو على عضو من أعضائه.. لأن الكفر اعتقاد، والإكراه على القول دون الاعتقاد، والمعنى: لكن المكره على الكفر باللسان (وقلبه مطمئن بالإيمان)، بالإيمان: حال من المستثنى، أي: والحال أن قلبه مطمئن بالإيمان لم تتغير عقيدته، وفيه دليل على أن الإيمان المنجي المعتبر عند الله هو التصديق بالقلب (1).
أقول: إن علة نفي الكفر عن المكره - كما يفهم من هذا القول وسائر الأقوال المتقدمة - هي أن الكفر اعتقاد، والإكراه دونه، وهذا الحكم يجب أن يطرد على جميع ما يقدم عليه الإنسان تقية عند الإكراه - إلا ما خرج عنه بدليل معتبر - لاطراد العلة نفسها.
وقال الإمام الشوكاني الزيدي (ت / 1250 ه‍) في تفسير الآية: أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل إنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته، ولا يحكم عليه بحكم الكفر.
ثم رد قول محمد بن الحسن الشيباني (ت / 189 ه‍) بخصوص أن من أظهر الكفر كان مرتدا في الظاهر، وأنه تبين منه زوجته، ولا يصلى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلما فقال: وهذا القول مردود على قائله، مدفوع بالكتاب والسنة (2).

(1) روح البيان / البرسوي 5: 84.
(2) فتح القدير / الشوكاني 3: 197.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»