واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٦٥
وقال الرازي الشافعي (ت / 606 ه‍) إنه تعالى حكى عن ذلك المؤمن أنه كان يكتم إيمانه، والذي يكتم يمكنه أن يذكر هذه الكلمات مع فرعون؟
ولهذا السبب حصل هنا قولان:
الأول: إن فرعون لما قال: (ذروني أقتل موسى) لم يصرح ذلك المؤمن بأنه على دين موسى بل أوهم أنه مع فرعون وعلى دينه، إلا أنه زعم أن المصلحة تقتضي ترك قتل موسى، لأنه لم يصدر عنه إلا الدعوة إلى الله، والإثبات بالمعجزات القاهرة، وهذا لا يوجب القتل، والإقدام على قتله يوجب الوقوع في ألسنة الناس بأقبح الكلمات.
الثاني: إن مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه أولا، فلما قال فرعون: ذروني أقتل موسى أزال الكتمان وأظهر كونه على دين موسى، وشافه فرعون بالحق (1).
أقول: إن سياق الآية وما بعدها من آيات اخر يؤكد صحة القول الأول من أنه كان الرجل المؤمن يكتم إيمانه قبل قول فرعون وبعده أيضا، إذ لو كان قد أزال كتمان الإيمان لما قال: (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) وقوله: (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) وهذا لا يقوله من يظهر الإيمان، وقد احتمل ابن الجوزي في هذا القول احتمالين، وهما:
أحدهما: مسرف على نفسه، كذاب على ربه، إشارة إلى موسى، ويكون هذا من قول المؤمن.
الثاني: مسرف في عناده، كذاب في ادعائه، إشارة إلى فرعون (ويكون)

(1) التفسير الكبير / الرازي 27: 60.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»