واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٥٤
في بيانه مراتب الإكراه، ومردود أيضا بما تقدم من أقوال سائر من ذكرنا من المفسرين والفقهاء، ومردود أيضا بما سيأتي من أقوال مفسري أهل السنة لا سيما الشافعية في تفسيرهم لهذه الآية، فترقب.
وقال ابن جزي الكلبي الغرناطي المالكي (ت / 741 - أو 747 ه‍): (إلا من أكره):
استثنى من قوله: (من كفر)، وذلك إن قوما ارتدوا عن الإسلام، فنزلت فيهم الآية، وكان فيهم من أكره على الكفر فنطق بكلمة الكفر وهو يعتقد الإيمان، منهم:
عمار بن ياسر، وصهيب، وبلال، فعذرهم الله، ثم فصل قصة عمار بن ياسر، وما قال له النبي (ص) على النحو المتقدم من أقوال المفسرين وقال: وهذا الحكم فيمن أكره بالنطق على الكفر، وأما الإكراه على فعل هو كفر كالسجود للصنم، فاختلف هل تجوز الإجابة إليه أم لا؟
فأجازه الجمهور، ومنعه قوم.
وكذلك قال مالك: لا يلزم المكره يمين، ولا طلاق، ولا عتق، ولا شئ فيما بينه وبين الله، ويلزمه ما كان من حقوق الناس، ولا تجوز الإجابة إليه، كالإكراه على قتل أحد، أو أخذ ماله (1).
أقول: سيأتي بيان ما جرى للإمام مالك بن أنس (ت / 179 ه‍) من لدن خلفاء بني العباس بسبب إفتائه في يمين المكره وقوله في ذلك: ليس على مكره يمين، في الفصل الثاني من هذا البحث وذلك في بيان مواقف الصحابة والتابعين وغيرهم من التقية، وسترى هناك كيف قد كلفته هذه الفتيا كثيرا.
وقال تاج الدين الحنفي (ت / 749 ه‍): من أكره على الكفر، ولفظ به، وقلبه

(1) تفسير ابن جزي محمد بن أحمد الكلبي: 366.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»