واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٧٦
موقفهم منها كموقف مؤمن آل فرعون، حين شافه فرعون بالحق وترك التقية بعد أن كان عليها.
ويدل عليه ما ذكر أبو السعود العمادي التركي المفسر (ت / 982 ه‍) قال: ونبأهم - حسبما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار - أنه قد مرج أهل الإنجيل، وعظمت فيهم الخطايا، وطغت ملوكهم. فعبدوا الأصنام، وذبحوا للطواغيت. وكان ممن بالغ في ذلك، وعتا عتوا كبيرا دقيانوس، فإنه غلا فيه غلوا شديدا، فجاس خلال الديار والبلاد بالعبث والفساد، وقتل من خالفه من المتمسكين بدين المسيح عليه السلام، وكان يتبع الناس فيخيرهم بين القتل وعبادة الأوثان (1).
ومن هنا يفهم أن تقية أصحاب الكهف - قبل قولهم هذا - كان فيها من مجاهدة النفس الشئ العظيم، لأن ما يكره عليه المسلم مثلا من مسلم آخر، فهو في أغلب الأحوال لا يكون مثل ما يكره عليه المسلم من كافر. بل وما يكره عليه المسلم من قبل الكافر مرة واحدة أو مرات، لا يقاس بمعاناة الفتية الذين آمنوا بربهم، وقضوا جل حياتهم بين قوم عكفوا على عبادة الأوثان.
أقول: ولهذا ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام (ت / 148 ه‍) - من طرق الشيعة الإمامية - أنه قال: ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف، إن كانوا ليشهدون الأعياد، ويشدون الزنانير، فأعطاهم الله أجرهم مرتين (2).
وكيف لا يشدون الزنار على وسطهم، وهم في أوساطهم؟ وكيف لا يشهدون أعيادهم، وهم من أعيانهم؟

(١) تفسير أبي السعود ٦: ٢٠٩، ومثله في معالم التنزيل / البغوي ٣: ٥٤١.
(٢) أصول الكافي ٢: ١٧٤ - ١٧٥ / ١٤ و ١٩ - كتاب الإيمان والكفر، باب التقية.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»