واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٥٥
مطمئن بالإيمان، فلا يؤاخذ به.. والمعنى: إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه، واستثنى منه المكره، فلم يدخل تحت حكم الافتراء (1).
وقال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي المالكي (ت / 754 ه‍): استثنى من الكافرين من كفر باللفظ وقلبه مطمئن بالإيمان، ورخص له في النطق بكلمة الكفر، إذ كان قلبه مؤمنا، وذلك مع الإكراه. والمعنى: إلا من أكره على الكفر، تلفظ بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان (2).
وقال في مكان آخر من تفسير الآية: وفي قوله: (إلا من أكره) دليل على أن من فعل المكره لا يترتب عليه شئ. وإذا كان قد سومح لكلمة الكفر، أو فعل ما يؤدي إليه، فالمسامحة بغيره من المعاصي أولى.
وقد تكلموا في كيفية الإكراه المبيح لذلك، وفي تفصيل الأشياء التي يقع الإكراه فيها، وذلك كله مذكور في كتب الفقه. والمكرهون على الكفر، المعذبون على الإسلام:
خباب، وصهيب، وبلال، وعمار، وأبواه: ياسر وسمية، وسالم، وجبر عذبوا فأجابهم عمار وجبر (مولى الحضرمي) فخلي سبيلهما، وتمادى الباقون على الإسلام، فقتل ياسر وسمية، وهما أول قتيل في الإسلام (3).
وقد مر، وسيأتي أيضا أن هؤلاء الصحابة كلهم قد أجابوا المشركين إلى ما انتدبوهم إليه إلا ما كان من بلال، وليس الأمر كما قاله أبو حيان، على أن

(١) الدر اللقيط من البحر المحيط / تاج الدين الحنفي ٥: ٥٣٧ - ٥٣٨، مطبوع بحاشية تفسير أبي حيان الأندلسي المسمى ب‍: (البحر المحيط).
(٢) تفسير البحر المحيط / أبو حيان ٥: ٥٣٨.
(٣) تفسير البحر المحيط ٥: ٥٤٠.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»